الشعوب اليونانية القديمة لديها معتقدات دينية يحاولون تفسيرها وإثباتها والدفاع عنها، ومجمل تاريخ البحث عن العقائد الدينية عند الشعوب اليونانية يمكن أن نسميه الفلسفة. الفلسفة ليست لها علاقة بالعرب والمسلمين، فالعرب يملكون نشاطًا عقليًا لدراسة معتقداتهم الدينية يمكن أن نسميه علم الكلام أو علم الفقه. كما أنها غير مرتبطة بالشعب الصيني القديم الذي كان يتأمل في الطبيعة والكون، ومجمل تاريخ الصينيين في البحث عن العقائد يمكن أن نسميه الطاوية أو الكنفوشية، كما أن الهندوسية موروث ديني خاص بالهنود وانتقل لشعوب مجاورة عبر التمدد العسكري أو النشاط الاقتصادي وحركة التجارة أو تدفق المهاجرين بين البلدان.
الثقافات والمعتقدات تتطور وتنتقل من بيئة لأخرى، والشعوب تتأثر ثقافيًا ببعضها ولكن تظل هناك سمات ثقافية خاصة لكل مجتمع بشري، يمكن تمييزها بكل وضوح. والفلسفة هي سمة ثقافية خاصة للمجتمع اليوناني القديم وانتقلت للقارة الأوروبية باعتبار أن الشعوب الأوروبية ذات امتداد تاريخي وثقافي يربطها دينيًا بالثقافة اليونانية. ولكن هذا لا ينفي تفرعها من حضارات أخرى أكبر وأكثر عراقة. من الغريب القول إن فلسفة أوروبا الحديثة ليست في واقع الأمر غير تفرع من أديان آسيوية قديمة، وعند صنع مقاربة تاريخية وثقافية نجد أن الديانة الهندوسية هي الثقافة الأم لفلسفة أوروبا الحديثة وقبلها فلسفة اليونان القديمة.
اللغة السنسكريتية لغة النصوص الدينية والطقوس القديمة للهندوس، هي اللغة الأم للأسرة اللغوية المعروفة باللغات الهندو أوروبية. وعائلة اللغات الهندو أوروبية تضم معظم لغات أوروبا وهناك دراسات كثيرة وشائعة تثبت أن اليونانية واللاتينية انحدرت من لغة أم واحدة منذ زمن بعيد وهي اللغة السنسكريتية، فاليونانية القديمة ومعظم لغات أوروبا تصنف لغات هندو أوروبية. وأقدم نصوص مكتوبة باللغات الهندو أوروبية هي نصوص (الفيدا) وهي مجموعة كبيرة من النصوص الدينية التي نشأت في الهند القديمة ومكتوبة باللغة السنسكريتية. هنا إِشارة واضحة بأن الثقافة اليونانية القديمة وفلسفة أوروبا الحديثة مجرد تفرعات ثانوية لثقافة أكبر وأشمل وأكثر عراقة وهي الثقافة الهندية وعنوانها الأبرز الديانة الهندوسية.
الفلسفة اليونانية والأوروبية يمكن اعتبارها مجرد «تفرع هندوسي» أو منتج ثقافي ذو أصل هندوسي. ومن الديانة الهندوسية انتقلت عقيدة وحدة الوجود والتأمل الصوفي وتقديس مظاهر الطبيعة للشعوب اليونانية وأصبحت هي المحور الرئيس للفلسفة عبر التاريخ. فأغلب فلاسفة اليونان وأوروبا آمنوا بعقيدة وحدة الوجود وانعكس ذلك على مجمل فلسفاتهم وأفكارهم التي يمكن اعتبارها مجرد دراسات لتأويل عقيدة وحدة الوجود. فإذا كان مؤرخو أوروبا لا يرفضون فكرة تفرع لغاتهم من لغة هندوسية قديمة وهي اللغة السنسكريتية ونصوص الفيدا فلا توجد أي غرابة في قولنا إن الفلسفة مجرد أثر من آثار الديانة الهندوسية. واللغة كما نعلم هي اللب والقلب النابض لكل الجوانب الثقافية والدينية.