وصلت مشكلة الطفل المعاق سلطان المالكي المحتجز في مستشفى الأطفال والولادة بالمساعدية منذ 10 سنوات، إلى طريق مسدود بعد وفاة والده (93 عاماً) وفشل شقيقه في إضافة اسمه إلى بطاقة العائلة، إذ طلبت الأحوال المدنية بالليث تقريراً طبيا عن حال الطفل، ورفضت المستشفى إصداره قبل استخراج أوراقه الثبوتية من الأحوال. وحملت أسرة الطفل المستشفى مسؤولية إتلاف أوراقه الثبوتية، وهو ما رفضه مدير المستشفى الدكتور كمال أبوركبة قائلاً إن المستشفى طالب والد الطفل أثناء زياراته المتباعدة له بإضافة ابنه إلى هويته، إلا أنه لم يستجب لذلك.
أكد شقيق الطفل المعاق سلطان المالكي الذي تركه أهله في مستشفى الأطفال والولادة بالمساعدية لمدة 10 سنوات (ونشرت "الوطن" معاناته في 16 أكتوبر الماضي) عجزه عن تسجيل شقيقه في بطاقة العائلة بعد وفاة والده، وأن الأحوال المدنية بالليث طلبت منه تقريراً طبيا بحالة شقيقه إلا أن المستشفى رفض تسليمه التقرير إلا بعد تسجيله في بطاقة العائلة مما أشعره أنه يدور في حلقة مفرغة دون جدوى.
وكشفت ابنة أخ سلطان أن والد الطفل "جدها" وافته المنية قبل عام عن عمر يناهز الـ93 عاما، وحملت "أم خالد" المستشفى مسؤولية إتلاف الأوراق الثبوتية للطفل، وهو ما رفضه مدير المستشفى الدكتور كمال أبو ركبة قائلاً إن المستشفى طالب والد الطفل أثناء زيارته المتباعدة له بإضافة ابنه على هويته، إلا أنه لم يستجب لذلك. وأشار أبو ركبة إلى وجود اتصالات مع جهات عدة لنقل الطفل إلى مركز التأهيل الشامل بجدة، مؤكدا أن الطفل لقي طوال السنوات العشر الماضية رعاية طبية وصحية، لافتا إلى أن سبب تأخر إلحاقه بمركز التأهيل يرجع لعدم إثباته ببطاقة الأب.
وأوضحت "أم خالد" وهي الحفيدة الرابعة لوالد الطفل المعاق في اتصال هاتفي لـ"الوطن" أن جدها تزوج من فتاة في العشرين من عمرها لرعايته وخدمته بعد وفاة ابنه الوحيد من زوجته الأولى والذي كان يرعاه.
وأرجعت سبب إهمال الأسرة لسلطان إلى حالة الفقر والعوز اللذين تعيشهما الأسرة، حيث أنجب جدها من زوجته العشرينية 9 أطفال، ولا يملك من حطام الدنيا سوى منزل بسيط مبني من الطين والحجارة مكون من حجرتين فقط، إلى جانب قطعة أرض بيعت لعلاجه قبل وفاته، نظرا لإصابته بجلطة دماغية أدت به إلى شلل رباعي ظل يعاني منه لعامين.
فيما أشار زوجها علي المالكي إلى أن والد الطفل خلف بعد وفاته أسرة كبيرة تعيش في قرية نائية، حيث أقرب مستشفى منها على بعد 400 كم، ومنزله غير صالح لرعاية الطفل، مسترجعا بداية قصة سلطان بأنه ولد في مستشفى أضم العام بإعاقات وتشوهات خلقية متعددة تطلبت نقله لمستشفى الولادة بالمساعدية بجدة.
ولفت إلى أن الأطباء بمستشفى المساعدية أخبروا والد سلطان باستقرار حالته بعد مرور أربعة أعوام، وبقائه بإعاقة ذهنية تتطلب عناية خاصة، مضيفا:"أنهم طلبوا منه حينها تسلمه". وأضاف أن والده أخبرهم أن تسلمه يعني الحكم عليه بالموت، مضيفا: "أنه حصل وقتها على دعم من أمير المنطقة آنذاك الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي أصدر قرارا بعلاج الطفل مدى الحياة بمستشفى الولادة"، مؤكدا وجود ملف بالمستشفى للطفل يثبت هويته إلا انه فقد بسبب الإهمال.
وعن حالة الأسرة بعد وفاة عائلهم وعدم سؤالهم عن ابنهم المريض، أشار الشقيق الأكبر والبالغ من العمر (19 عاما) حمدان المالكي إلى أن وفاة والده وتدهور حالتهم المادية كانا وراء غيابهم عن زيارة شقيقه. وأضاف أنه غير قادر على العمل خارج القرية نظرا لبعدها عن المدن، خاصة أنه لا يملك وسيلة للتنقل وفي ذات الوقت لا يستطيع ترك إخوته الصغار دون رقيب.
وعن زيارته لأخيه المريض أشار إلى أنه زاره في بداية العام بعد توفر مبلغ ضئيل معه وطلب من المستشفى التسريع بتسجيل شقيقه وإنهاء إجراءات إضافته إلى سجل العائلة، إلا أنه اكتشف أن ملف شقيقه المعاق والذي يضم شهادة الميلاد قد فقد، لافتا إلى أنه تردد كثيرا ما بين الأحوال المدنية بالليث ومستشفى المساعدية لتسجيل شقيقه في بطاقة العائلة دون جدوى مما أفقده الأمل في إنجاز ذلك الأمر الهام لشقيقه.
وأفاد بأن إدارة المستشفى زودته بشهادة بلاغ ولادة وصورة من شهادة التطعيم لم تقبلها الأحوال المدنية بالليث (تحتفظ "الوطن" بنسخ منهما) وطلبت منه أيضاً تقريرا طبيا عن حالة الطفل، مضيفا أنه سلم طلب الأحوال للمستشفى إلا أنه رفض إعطاءه التقرير قبل إضافة الطفل.
ووصف حاله بأنه يدور في حلقة مفرغة ما بين الأحوال المدنية والمستشفى وكل منهما متشبث بطلبه، لافتا إلى أنه حضر بعد نشر "الوطن" قصة شقيقه للمستشفى إلا أن الأمن رافقه ومنعه من تصوير أخيه.
من جانبها، أكدت المتطوعة بفريق أصدقاء المرضى الدكتورة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة والمتابعة لحالة الطفل "سلطان" اإلهام باجنيد بقاء وضع الطفل على ما هو عليه دونما تحسن، مضيفة: "لم يتم تقديم أي عناية له بخلاف السرير"، مشيرة إلى أن متطوعين من الرياض يعملون في الفريق تقدموا مرتين في شهر واحد بالتماس لوزارة الصحة للوقوف على معاناة المعاق ولم يجدوا أي رد.
وكانت باجنيد قد أكدت لـ"الوطن" في تقريرها السابق عن الطفل سلطان أنها وزميلاتها دأبن على زيارة المرضى المنومين بالمستشفيات، ولفت نظرهن طفل بأحد المستشفيات لا يزوره أحد، ولا يسأل عنه ذووه، فبدأن السؤال عنه ومتابعة حالته وأبلغهن مسؤول بالقسم أنه لم يستدل على والدي الطفل منذ تركاه في المستشفى وغادرا. وقالت "اعترف لنا المسؤول بأن عائلة الطفل حضرت قبل شهرين لإثبات بيان وراثة، وحين حصلوا على شهادة تثبت إعاقته اختفت وتركته حبيس أسوار سرير لا يحتمل طفلا في الثالثة من عمره، وأن الطفل كان متعافيا ويستطيع الحركة داخل سريره، لكن لم يدربه الممرضون على الحركة والمشي، ونتيجة للإهمال والتقصير سقط قبل شهر من السرير ليصاب بغيبوبة كاملة ويفقد بعدها الحركة كليا. ونفى مديرالإعلام والتوعية والعلاقات العامة بصحة جدة عبدالرحمن الصحفي في حينه مسؤولية الشؤون الصحية عن تردي حالة الطفل، وتخلي الشؤون الاجتماعية عنه بحجة أنه لا يحمل أوراقا ثبوتية، فبقي سلطان يصارع الإعاقة والإهمال وفقد الهوية.