لفت مسلسل «خيوط المعازيب»، الذي عرض في رمضان الماضي، الأنظار إلى بيئة الأحساء، وقدرتها على جذب شركات الإنتاج الدرامي. وأكد مؤلف المسلسل، الممثل السعودي حسن العبدي، لـ«الوطن» أن الأحساء يمكنها أن تجذب شركات الإنتاج انطلاقا من تجربة «خيوط المعازيب»، حيث وفرت الأحساء مواقع تصوير وممثلين (كومبارس)، كبارا وصغارا وذكورا وإناثا، «بالمجان». كما وفرت تسهيلات مساعدة أخرى لإنجاز العمل، من سيارات ومزارع ومنازل، موضحا أنه يمكنها أن تقدم لبقية الأعمال التي تصور فيها مثل هذه التسهيلات التي لا يمكن تقليل قيمتها، حيث إن توفير كومبارس في مواقع أخرى يعد من الأمور التي تستنزف شركات الإنتاج في أثناء التصوير، ناهيك عن حاجة هؤلاء الكومبارس للتدريب، خصوصا حين يكونون بعيدين عن البيئة المحلية (عمالة آسيوية مثلا)، وهو أمر يستلزم إنفاقا كبيرا من شركات الإنتاح، وكذلك يتطلب استئجار مواقع التصوير في بعض الأماكن مبالغ باهظة، وهو ما يمكن تجنبه إذا ما تم تصوير العمل الفني (مسلسل أو فيلم) في الأحساء.

تجربة عالمية

لا يبدو غريبا أن تسهم بعض الأماكن في تقديم تسهيلات لشركات الإنتاج بغية جذبها، ولعل هذا من خطة المملكة عموما في مشروعها على طريق التحول إلى موقع بارز عالميا في الإنتاج السينمائي بإعلانها تحمل تكلفة ما نسبته 40% من الأفلام التي تصور على أراضي المملكة، وذلك عبر تطبيق برنامج حوافز استرداد الأموال بنسبة تصل إلى 40 % من نفقات إنتاج الأفلام ضمن حوافز دعم الإنتاج على أراضي المملكة.


في المقابل، تقدم دول عدة، ومنها تركيا على سبيل المثال، دعما عبر وزارة السياحة للأعمال التي تظهر فيها مواقع سياحية تركية تجذب الزوار.

ومن هنا تبدو تجربة الأحساء واعدة في هذا الجانب، حيث أبان العبدي أن «خيوط المعازيب» استعاد ذكريات وحقيقة ومراحل حياكة «البشت» في الأحساء خلال حقبة زمنية سابقة عاشتها معظم البيوت الأحسائية، حيث كانت مهنة خياطة «البشت» تضاهي وظيفة في «أرامكو» بتلك الحقبة، وجعلوها شرطًا في قبول بعض الشباب للزواج عند التقدم لخطبة الفتاة. وأظهرت حلقات المسلسل بشكل درامي حجم المعاناة التي عاشوها للوصول بمنتج «البشت» إلى العالم.

القصص والحكايا المثيرة

بدوره، قال الناقد والمؤلف أحمد بن حمضة: «أكثر شيء لافت في التجربة أن الأحساء تؤكد أنها مليئة بالقصص والحكايا المثيرة التي يمكن تقديمها على الشاشة، وهي بيئة جاذبة إنتاجيًا، وتحتوي على طاقات إنسانية ومرافق مادية تستحق الظهور والبروز، ووجود عمل بحجم «خيوط المعازيب» يدلل على أنه يمكن تكرار التجارب الفنية في الأحساء، خصوصا مع تمتعها ببيئة ولادة للطاقات المتحمسة للإنجاز والعمل».

مدينة خاصة للإنتاج

ذكر ابن حمضة أن الأحساء مؤهلة لتكون واحدة من مراكز الإنتاج للمسلسلات، ويعود ذلك لعدة أسباب، منها أنها تحتوي على طاقات بشرية هائلة ومتحمسة للأعمال الفنية، وهذا عائد لتاريخها الفني القديم والمتجدد بالدماء الجديدة، وكذلك تميزها بتنوع جغرافي واسع ومتباين. كما أن توجد بها القرية والبيوتات القديمة، بالإضافة إلى الحداثة التي ترسم معمار مدنها، مما يعطي للمنتج خيارات متعددة.

وقال: «ربما نحتاج في هذه المرحلة جعل الأحساء أكثر جذبا وقبلة للإنتاج المستقبلي، وذلك عبر تجهيز مدينة خاصة للإنتاج الفني تتوافر فيها أحدث المعدات اللازمة للإنتاج، وتوفر مناطق التصوير المفتوحة التي تحاكي الحياة في مختلف مراحلها التاريخية، سواء داخل الأحساء أو في باقي مدن المملكة، وتتيح للمنتجين مساحات متنوعة وطرزا مختلفة من العمارة التي تتميز بها الأحساء بالخصوص، والمملكة بشكل عام. كما أنها تتوافر بها القابلية لإعادة بناء ما يريده المنتج من ديكورات وأحياء».

عوامل جاذبة للإنتاج الفني في الأحساء

ـ توفر مواقع تصوير وكومبارس مجانا

ـ تتوافر فيها طاقات بشرية هائلة ومتحمسة للأعمال الفنية

ـ تتميز بتنوع جغرافي واسع ومتباين

ـ توجد بها القرية والبيوتات القديمة، بالإضافة للمباني الحديثة

ـ طرز متنوعة من العمارة تتيح خيارات كثيرة