نشأ الناس سابقًا على أن طعام البيت له لذة، وأن لكل سيدة نَفَسًا مختلفًا في الطبخ، رغم أن المقادير ذاتها. ولتقارب المنازل، كانت رائحة الأطعمة تفوح، فتعرف كل جارة ماذا طبخت جارتها، فيتبادلن الأطباق، وإذا كانت جارتها حاملا، يلزم الجارة إرسال طبق من طبخها لجارتها التي ربما اشتهت هذا الطعام أو مايسميه الناس بـ(الوحام). الحياة بسيطة والمتطلبات محدودة، والرضا يملأ القلوب، فلا إعلان عن مطعم ولا مشاهير يصورون أنفسهم وهم يلتهمون أطباقهم بنهم للذتها ! فأصبح لدى المشاهدين شغف التجربة؛ الإعلانات أثرت في أذواق الناس، فأصبحوا اكثر اقتناعًا بالمعروض. التفضيلات لدى أغلب الناس حسب الطعم وليس حسب الأكثر صحة، وربما يفضلون الأكثر شهرة اقتداء بالآخرين. أحيانًا كثرة انشغالات الحياة وقلة الوقت تجعل أكل المطاعم الخيار الأفضل، لذلك ازدهرت صناعة المطاعم وازداد عددها. فحسب إحصائية في 2023، بلغ عدد المطاعم في السعودية حوالي 70 ألف مطعم، وحظيت الرياض بالعدد الأكبر منها، (18 ألف مطعم). تليها جدة بـ12 ألف مطعم، ثم الدمام بـ6 آلاف مطعم. وأعتقد أن هذه الأعداد قد تزايدات الآن حيث إن معدل سوق المطاعم في السعودية ينمو بنسبة 5-6 % سنويًا، وبالطبع لن يزداد الإنتاج إلا إذا تزايد الإستهلاك، فقد بلغ استهلاك السعوديين لوجبات المطاعم حوالي 3.5 مليارات وجبة سنويًا.

إذا خزنت الأطعمة بطريقة غير جيدة أو في درجة حرارة غير مناسبة، أو إذا تمّ إعداد الطعام في ظروف غير آمنة صحيًا، أو بأيد عاملة غير لائقة صحيًا. يُصاب الشخص الذي يتناول هذا الأطعمة بالتسمم الغذائي، وهو منتشر حول العالم، إذ تشير التقديرات إلى إصابة 600 مليون شخص أي حوالي شخص واحد من كل 10 أشخاص في العالم يمرضون بعد تناول غذاء ملوث، ووفاة 420000 شخص سنويًا. الأغذية تعتبر وسطًا مثاليًا لنمو جميع الميكروبات سواء قبل أو بعد التحضير. وهناك أغذية عالية الخطورة مثل اللحوم بأنواعها والبيض، ومنتجات الألبان، والفواكه والخضروات.

أعراض التسمم الغذائي تبدأ بعد 12-36 ساعة أو أقل أو أكثر من تناول الطعام الملوث أو شربه، والأعراض إمّا أن تكون خفيفة وبسيطة كآلام في البطن وشعور بالغثيان مع إسهال بسيط، ومن الممكن أن يتحسن المصاب دون علاج، وهذا عادة يحدث مع التلوث الفيروسي، أمّا التسمم بالبكتيريا مثل السالمونيلا والكوليرا أو التسمم السجقي Botulism.


تشمل الأعراض ( اضطراب المعدة، الإسهال، القئ، الحمى والصداع) ويحتاج لعلاج طارئ، وفي حالات التسمم السجقي يُصاب الجهاز العصبي بالخلل، فيسبب شللا في العضلات، ومن بينها العضلات التنفسية وعندها يحتاج المريض إلى دعم تنفسي. كذلك يصاب بصعوبة في البلع. التسمم بالبيوتليزم ينتج عن طريق تناول الأطعمة المعدة بطريقة معينة مثل الأكلة المصرية الشهيرة (الفسيخ) التي يزداد الإقبال عليها في عيد ( شم النسيم) فتزداد حالات التسمم السجقي في هذا الموسم. وأي طعام يُخزن في علب دون تهوية وبدرجات حرارة غير مناسبة كاللحوم والأسماك تزداد فرص تلوثه بسم البيوتليزم.

ومن المفارقات العجيبة أن هذا السم له استخدامات طبية خاصة بالتجميل، فهو المادة نفسها المستخدمة في إنتاج البوتوكس بعد معالجتها مخبريًا وتخفيفها بقدر كبير، لتسبب شللا في عضلات الوجه، فتختفي التجاعيد، ويُحقن عن طريق المختصين في أماكن معينة وله استخدامات طبية أخرى.

قليلا ما يحدث تفشي التسمم السجقي ولكنه يُعد من طوارئ الصحة العامة التي تتطلب التعرف السريع على أعراضه وعلاجه مبكرًا ومعرفة مصدره من أجل تحديد مصدر التسمم، ومنع وقوع ضحايا آخرين،

ويتوقف العلاج الناجح بدرجة كبيرة على التشخيص المبكر وسرعة العلاج بمضاد التسمم السجقي.

للوقاية من التسمم الغذائي عليك بما يلي:

الحفاظ على النظافة.

فصل الأغذية النيئة عن الأغذية المطهوة.

طهي الأغذية جيدًا.

الحفاظ على الأغذية في درجات حرارة مأمونة.

استخدام المياه والمواد الخام النظيفة.

التقليل من أكل المطاعم فما تصنعه في بيتك بحب أطيب وألذ.