يقول اللغوي الألماني فلوريان كولماس في كتابة " اللغة والاقتصاد " ( أن التطورات اللغوية في أوروبا تزامنت مع التطورات الاقتصادية ) ، ففي القرون الوسطى تزايدت التجارة بشكل ملحوظ مما أدى إلى تزايد التواصل بين الدول والشعوب والثقافات المختلفة في أوروبا ، ومن ثم فقد نتج عن هذا الوضع تطور في اللغات المحلية لتصبح أكثر تعقيدا وتنوعا ، مما نتج عن هذا التنوع ظهور لغات جديدة بسبب التأثير المتبادل بين الثقافات مما سهل التجارة والتواصل بين الشعوب على اختلاف أعراقها لينعكس هذا على أوروبا نماءً اقتصاديا وثقافيا وبالتالي فإن االلغة لابد أن تنمو طرديا مع تقدم المجتمعات ثقافيا واقتصاديا وخير مثال على ذلك التطور الذي طال اللغة الإنجليزية بسبب التقدم الذي شهده عصر النهضة في أوروبا وظهور كلمات جديدة ومصطلحات مستوحاة من الفن والعلوم والأدب ، كما تأثرت اللغة بالعديد من اللغات الأخرى مما أدى إلى تطورها وإثراء مفرداتها بالكثير من الكلمات من شتى أصقاع الأرض بسبب شيوع الهجرة لبريطانيا العظمى ومحاولة البحث عن العمل أو البحث عن العلم بسبب هيمنة الثقافة الأوروبية والاقتصاد الغربي على أكثر أرجاء المعمورة في تلك الحقبة .
ولو نظرنا إلى عصرنا الحاضر نجد أن اللغة الإنجليزية لاتزال تمتلك هذه الميزة بسبب النفوذ الأمريكي على العالم والذي هو امتداد للنفوذ الانجلو ساكسوني فأمريكا ليست إلا بلدا للمهاجرين الأيرلنديين الأوائل والذين انفصلوا عن التاج البريطاني فيما بعد، ولن تستطيع لغة أن تأخذ مكان اللغة الإنجليزية إلا بالقوة الثقافية أو القوة الاقتصادية ، والدليل على ذلك أن اللغة الصينية بدأت على استحياء في مزاحمة اللغة العالمية الأولى ، نتيجة لما قلناه سابقا وهو التقدم الاقتصادي والثقافي مع اعتقادي بأن اللغة الصينية تحتاج إلى عقود وعقود من السنين لتحل محل اللغة الإنجليزية بسبب افتقارها إلى الجناح الآخر وهو جناح الثقافة بسبب الإنغلاق الصيني والبعد الجغرافي الذي يقلل من تواصل العالم مع شعبها، بعكس أمريكا وأوروبا التي استطاعت فرض ثقافتها وعاداتها على العالم .
في الختام نصل إلى نتيجة تقول أن ( اللغة والاقتصاد) قد يكونان وجهان لعملة واحدة .