ويقع الحصن على طريق تجارية قديمة ومعروفة بدرب البخور، وكانت تعبره القوافل طوال العام، لكنه تحول الآن إلى مزار سياحي، بالنظر إلى ما يمتلكه من مقومات طبيعية وخدمات جعلته واجهة ونقطة استراحة لعابري الطريق الدولي.
ويتبع مركز حصن الحماد إداريًا إلى محافظة ظهران الجنوب.
مغدي الضيف
يقول النائب حسين بن مغدي الوادعي، أحد أعيان مركز حصن الحماد، أن الحصن يتكئ على كنوز أثرية مهمة، وهو شاهد على كثير من قصص ومواقف الشجاعة والكرم والسخاء.
وفي المركز الثقافي في حصن الحماد، الملحق بضيافة أقامها الوادعي على أرض مساحتها تزيد على 100 ألف متر مربع لتكون استراحة مجانية للأبطال المرابطين على الحد الجنوبي، ولجميع الزوار والسياح وعابري الطريق الدولي، عُرفت بـ«ضيافة مغدي الضيف» حيث اشتهرت أسرة بن مغدي بالكرم والسخاء، وبهذا المسمى منذ مئات السنين.
تغيير المسمى
كشف الوادعي، أنه تشرّف بزيارة أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز لمقر الضيافة، وأصدر توجيها بتحويل مسماها إلى «ضيافة عسير» وأن تكون مقصدًا ومزارًا لزوار المنطقة، ومقرًا لإقامة الفعاليات الثقافية والاجتماعية، وهي خير مثال لتفعيل مبادرة حسن الوفادة تحت شعار «ضيفك هو ضيف عسير كلها» والتي تجسد نُبل الأخلاق وحسن الاستقبال وبشاشة الوجه وطلاقة المحيا وترجم هذا الشعار على أرض الواقع انطلاقًا من مبادئ الدين الحنيف الذي يحثّ على إكرام الضيف وإحسان وفادته.
فعاليات مبادرة أجاويد
أوضح الوادعي أن «ضيافة عسير» أصبحت بتوجيه ودعم أمير منطقة عسير مركزًا ثقافيًا لتنفيذ عدد من الفعاليات والبرامج والأنشطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، حيث شهدت إقامة ندوات عن الأمن والوعي الفكري ضمن فعاليات مبادرة «أجاويد 2»، وأيضًا تدشين أول مزرعة للبن في محافظة ظهران الجنوب، وبرامج للعادات والتقاليد الاجتماعية من خلال استضافة الفرقة الشعبية التي قدمت وتناولت وبشكل عملي عادات وتقاليد المجتمع في مختلف المناسبات، كما استضافت عددًا من السياح الأجانب الذين تجولوا في أركانها والتقطوا الصور التذكارية، وتناولوا القهوة العربية والأكلات الشعبية.
ترفيه وسياحة
بين الوادي أن «الضيافة» تحولت إلى مركز ثقافي وترفيهي وسياحي، وقال إن «زوار الضيافة من مختلف الجنسيات والثقافات دفعوني لتخصيص جزء من الضيافة لتكون معرضًا تراثيًا للمقتنيات التراثية يسلط الضوء على أهم المواقع الأثرية في ظهران الجنوب على وجه العموم، وفي مركز حصن الحماد على وجه خاص».
وأضاف «خصصنا مجالس عربية وأخرى رئيسية تناسب ذائقة الزوار والسياح والضيوف، ونفذنا مزرعة للبن في الجهة الشمالية للضيافة لتمد الضيافة بمادة القهوة العربية على مساحة من الأرض تزيد عن 80 ألف متر مربع، وأيضًا تُقدم هدايا للضيوف».
وتابع «أنا في طور إنشاء مكتبة تحتوي على عدد من الكتب والمراجع ذات العلاقة بالآثار والعادات والتقاليد في منطقة عسير».
ندوات ثقافية واجتماعية
أكد اللواء سعيد محمد المهجري، قائد حرس الحدود السابق في قطاع ظهران الجنوب خلال تواجده في مقر المركز الثقافي في «ضيافة عسير» دهشته بما شاهده من فعاليات وأنشطة متنوعة تشهدها الضيافة، واقترح تحويلها إلى مركز ثقافي لمحافظة ظهران الجنوب تقام فيه وفي جميع المناسبات احتفالات وفعاليات المحافظة، وقال إن «تنفيذ محاضرات عن الوعي الفكري وندوات عن التقاليد والعادات الأصيلة خلال فعاليات مبادرة «أجاويد٢» في رمضان الماضي أكد تحول الضيافة إلى مركز ثقافي وسياحي وترفيهي يمثل نقلة نوعية في تفعيل مبادرات أمير منطقة عسير».
وأضاف أن «التفاعل الكبير من قبل الجميع في حضور هذه الفعاليات والندوات دليل على أهمية إقامة مثل هذه المقرات، وضرورة مشاركة المجتمع في دعمها وتشجيعها».
تقاليد المناسبات الاجتماعية
بدوره، رأى المشرف على فرقة ظهران الجنوب الشعبية، شاعر ظهران الجنوب جبران الوادعي أن تنفيذهم لعدد من المناسبات في المركز الثقافي في «ضيافة عسير» جاء تفاعلاً مع مبادرة «أجاويد ٢»، وقال «قدمنا شرحًا عمليًا لعدد من العادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية السائدة منذ القدم في محافظة ظهران الجنوب، خاصة العادات والتقاليد في مناسبات الزواج والختان والأعياد».
وشدد الوادعي على «ضرورة استدامة مثل هذه الفعاليات كونها ترسخ ثقافة العمل الإبداعي والتطوعي لدى الجميع، كما أنها تحافظ من جانب آخر على الإرث الثقافي لمثل هذه العادات والتقاليد التي اندثر جلها بسبب الإهمال والجهل بها من قبل الأجيال الجديدة».
كرم وسخاء
أشار عوض بن خزيم الوادعي، أمين مجلس الأهالي في ظهران الجنوب، إلى أن سخاء وكرم اهالي المحافظة خاصة في مركز حصن الحماد والقرى والهجر التابعة مشهود له منذ القدم حيث كانوا عونًا لعابري طريق الحجاج ومن تقطعت بهم السبل واشتهروا بكونهم «مغدين الضيف»، واستمرت هذه الخصلة الحميدة معهم حتى اليوم على الرغم من ضيق ذات اليد.
غار الملك سعود
يشهد الزائر لحصن الحماد عددًا من الأماكن التاريخية والأثرية، من بينها غار مجاور للمركز الثقافي ولـ«ضيافة عسير»، وقال الوادعي إن «الغار عرف بغار الملك سعود، حيث اتخذه الملك سعود رحمه الله مقرًا لإقامته وإدارة المعارك الحربية مع جيش الإمام يحى حميد الدين وهي المعارك التي انتهت بانتصار الجيش السعودي عام 1352 للهجرة».
وأضاف «يقع بالقرب من غار سعود «حيد سعود» وهو بمثابة برج لمراقبة تحركات العدو ولاجتماع القادة العسكريين مع الملك سعود رحمه الله لوضع الخطط المناسبة، كونه مرتفع ويشرف على الحدود».
وتابع «جاء اختيار الملك سعود للحماد بسبب توفر موارد للمياه في (منطقة العاقة)، ولأنها أراضيه واسعة ويوجد بها أماكن عالية تكشف للقوات المرابطة المنطقة من جميع أطرافها، وكذلك لقربها أيضا من الحدود مع اليمن، وهي مليئة بأشجار القرض «التي تتكون من أجود أنواع الخشب الصالح للحطب والطبخ والتدفئة».
درب البخور
أوضح الوادعي أن من أهم المعالم الأثرية الموغلة في القدم، والتي يعود بعضها إلى عصور ما قبل الإسلام كطريق التجارة القديم «درب البخور»، و«طريق الفيل» الذي عرف فيما بعد بـ «طريق الحج» حيث سلكه حجاج اليمن أثناء توجههم إلى مكة المكرمة، ولا تزال آثار صخوره المرصوصة بشكل عجيب ولمسافات طويلة موجودة، حيث يوجد في ظهران الجنوب أكثر من 18 موقعًا لطريق الفيل في مواقع الثويلة والمصلولة وقاوية».
وأضاف أن «حصن الحماد يشتهر أيضاً بوجود الكتابات والنقوش والرسوم على صخور جباله».
مسجد خالد بن الوليد
يواصل الوادعي تأكيده أن من أهم المواقع الأثرية في حصن الحماد، مسجد الصحابي الجليل خالد بن الوليد الذي بناه خلال رحلته إلى اليمن، حيث بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة أهل اليمن للدخول في الإسلام، وأشار إليه الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب في السنة العاشرة من الهجرة» ولاتزال معالمه موجودة حتى اليوم.
ويصف الهمداني المسجد بقوله «ومسجد خالد تحت الثويلة عليه حواء بلا سقف»، ويشتمل المسجد على مساحة مستطيلة أبعادها نحو (15.5 × 21 مترًا) وقد تم تحديد محيطه بمدماك حجري واحد من الأحجار البركانية المحلية غير المشذبة».
وبالإضافة إلى ما يكتنزه حصن الحماد من مواقع ومعالم وآثار ضاربة جذورها في عمق التاريخ، فهو يتميز أيضًا بطبيعة بكر ساحرة وجميلة، ما بين جباله ذات التكوينات الصخرية المتعددة، وكهوفه الكبيرة ككهف موجان العجيب، وأوديته وغابات من أشجار القرض والسدر والطلح ومزارعها ومتنزهاتها.
حصن الحماد
ـ مركز بمحافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير
ـ يقع على الطريق الدولي ظهران الجنوب ـ نجران
أهم معالم حصن الحماد
= ضيافة عسير
ـ المركز الثقافي
= غار الملك سعود
= مسجد الصحابي الجليل خالد بن الوليد
= طريق التجارة القديم «درب البخور»
= طريق الفيل
= النقوش والكتابات والرسومات القديمة
= مزارع البن والفواكه