مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطورها وإمكانية ربطها مع تقنيات أخرى مثل تعلم الآلة وتوليد النصوص والصور وكتابة المقالات وحل المسائل والتفكير! لدرجة أنك تستطيع أن تجري محادثة كاملة معه وكأنه شخص عاقل يتحاور معك ويستوعب ويتفهم ويفرح ويحزن، ولكن في مجملها كلها «يظل» برمجية فقط وليس بروح حقيقية حتى إن وصل إلى تطور أكثر تقدمًا، ولن يكون بالطبع يحمل مشاعر أو مخيلات أو وعيًا كاملًا بالحياة!! بالمناسبة، هل الذكاء الاصطناعي المبرمج لديه مشاعر وأخلاقيات ومبادئ؟

لنجيب عن ذلك نحتاج أن نعترف أولًا بأن الذكاء الاصطناعي هو برمجية بداخل أي جهاز سواء كان كمبيوترًا أو روبوتًا أو هاتفًا وغيره! وهذه البرمجية تسير حسب ما قام المبرمج بوضعه في أساسياتها مثل: استقبال الأمر، ثم إدخاله لقاعدة البيانات، ثم تحليله وإخراج الإجابة! وهذا بالطبع شرح مبسط فقط للتوضيح!

لكن ماذا لو كان للذكاء الاصطناعي أخلاقيات! وسأعطيكم مثالًا، لو صنعنا كاميرا بذكاء اصطناعي وبرمجناها على أنها تحصي فقط عدد الذين يمرون بهذا الشارع! فالكاميرا هنا ليس لديها أخلاقيات في برمجيتها، حيث إنها ستحصي كل من يمر على الشارع سواء من يمشي على رجليه أو يجري أو على كرسي متحرك، لكن الحامل هل سيحسبها شخصين؟ وماذا عن لو كان مسعفان يحملان جثة إنسان متوفى هل سيحسب بحسب أخلاقيات هذه الكاميرا؟ ربما هذا مثال بدائي للأخلاقيات ولكن لنتعمق أكثر استنادا على المثال الأول، ولنأخذ هذه البرمجية نفسها ونضعها في مستشفى لزراعة الأعضاء، كيف ستتخذ الأخلاقيات القرارات في زراعة الأعضاء للمرضى؟ هل ستكون لديه أخلاقيات من المريض المستحق لزراعة كلى مثلا؟ هل ستتعامل مع الطفل والشاب والشيخ والمريض الذي يمر في المرحلة الأولى والذي يمر في آخر مرحلة على حد سواء؟ وهل ستتعامل مع الشخص حسب لون بشرته؟ لون الشعر؟


وهو أيضا أثار تساؤلًا حيث جربت بعض الجامعات حول العالم نظام تقييم الطلاب المتقدمين بغرض إجراء أبحاث على أخلاقياته، فوجدوا أن الذكاء الاصطناعي اختار بعض الأشخاص واستبعد البعض ولكن لم يكن منصفا في بعض اختياراته وهو ما أثار استغرابهم للبحث أكثر، وقرروا أن طريقة البرمجة هي من ستضمن أن يكون الذكاء الاصطناعي يمر بعدة مراحل تحليلية ومنطقية قبل أي استنتاجات!

كل هذه التساؤلات تطرح في عالم الذكاء الاصطناعي، والسبب أن الذكاء الاصطناعي أصبح يعتمد عليه بكثير من الأمور وأصبح يعطي توصيات لمتخذي القرار وهذه التوصيات يجب أن تكون تحمل أخلاقيات إنسانية وذات مشاعر.

ومن هنا بدأت الدول تستشعر أنه يجب أن تكون هنالك أخلاقيات للذكاء الاصطناعي وهي ضمان المساواة والعدالة والشفافية التي تجبر برمجيات الذكاء الاصطناعي أن تتماشى معها حتى تكون سندا يعتمد عليه في صالح البشرية، كما أن المملكة تعتبر أول دولة بالعالم في تطبيق وثيقة لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتي قدمتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» نظرا للتطور الحاصل في العالم خصوصا في هذا المجال، واستشعارا لأهميته مستقبلا!