رغم حالات الإحباط المتراكم والتفاؤل المتسارع في المشهد المصري الذي قلب كل التوقعات على مدار عام ونصف العام، إلا أنه بإعلان نتائج الانتخابات قدم تجربة جديدة للأجيال العربية. كانت جميع السيناريوهات تؤكد ملامحها الجميلة ولكن سرعان ما تنتكس فتتغير الحسابات والنتائج لتزيدها سوادا. ففيها اُريقت دماء وبللتها دموع ومع ذلك تفتحت عن ورود وزهور مهداة لجيل الشباب.
بعيداً عن الجانب السياسي بكل ما فيه من أهداف نبيلة وحسابات براجماتية، يظل الأثر الذي يتركه المشهد على تكوين (الشخصية) هو المحصل النهائي الذي يجب أن يسلط عليه الضوء إن أردنا الاستفادة من هذه التجربة في بناء شخصية الجيل العربي. فهي تحمل في طياتها عناوين عملية لمشروع التغيير الذي يستهدف الشباب، وتأتي في مقدمتها تعلم صفات المبادرة وتحديد الأهداف والثقة في النفس والإيمان بالقدرات الذاتية وعدم اليأس والإصرارعلى تحقيق الغاية والوصول إليها، وفوق كل ذلك الايمان بالله على تحقيق الخير. وهي عناوين لا تخلو منها برامج تدريب التنمية البشرية والتخطيط الذاتي إلا أن التجربة تزيد في مصر عن غيرها بقيمها المضافة في تحقيق الكرامة والتعايش والتعددية.
ترى لو لم تتوافر هذه الصفات في جيل الشباب، هل كان بوسع أحد أن يتوقع كل هذا التغيير؟ بكل تأكيد أنه ما كان لمشهد انتخابات يوم أول من أمس أن يحدث وما كان لحزب بعد 84 عاماً من الإبعاد أن يولد وما كان لإصرار شباب 25 يناير أن ينتصر. لذلك سوف تترعرع هذه الصفات في المجتمعات التي تؤمن أن البركة في الشباب إذا ما رسخنا في شخصيتهم الصفات الإيجابية. وعلى العكس من ذلك لن تكون محل ترحيب من الأنظمة الديكتاتورية كما هي في سورية حتى لا يتعلمها جيل التغيير.