أصبح من المألوف في المدينة المنورة أن يسمع المار بأماكن تجمع الحجاج، سائقي التاكسي والحافلات الذين يعملون بنقل الحجاج وهم ينادون، ويعلنون عن استعدادهم لإيصال الحجاج لمزارع النخيل بالمدينة المنورة، لما يجدونه من إقبال كبير لضيوف الرحمن على الذهاب لتلك المزارع، خصوصا مع اقتراب موعد عودتهم إلى بلدانهم. ومن العادات السنوية انتقال جزء كبير من المناشط الاقتصادية لحجاج بيت الله الحرام من المحال التجارية إلى مزارع النخيل بالمدينة المنورة، التي أصبحت من أهم معالم خارطة السياحة الخاصة للحجاج القادمين للمدينة، الذين يحرصون فور انتهائهم من النسك والشعائر على شراء التمور لتقديمها هدايا لذويهم أثناء عودتهم إلى أوطانهم.
"الوطن" رصدت حركة كثيفة للحجاج والمعتمرين في أسواق المدينة بالمنطقة المركزية، كما رصدت أعدادا كبيرة منهم أثناء خروجهم من مزارع النخيل بحي العوالي، والشهداء، والجرف، والعيون، والخليل، حيث خصص أغلب أصحاب تلك المزراع أماكن لتبريد وحفظ التمور، لعلمهم أن الحجاج يفضلون شراء التمور مباشرة من المزارع.
عدد من الحجاج أكد أنهم يتحرون بركة مدينة رسول الله التي ذكرت في أحاديث كثيرة، ووجودهم في هذا المكان يجعلهم حريصين على بثّ الفرحة لأقاربهم عندما يعودون لهم حاملين ولو شيئا بسيطا من تمورالمدينة النبوية، مؤكدين أن التمور بأنواعها تحظى بالاهتمام الأكبر في الهدايا، حيث يعتبرونها هدية ذات طابع وبصمة خاصة، لكونها من المدينة المنورة، حيث تذكرهم عند رجوعهم لبلادهم بروحانية المكان وأيام الحج الفضيلة.
حراك اقتصادي
ويضخ الحجاج بأسواق المنطقة المركزية حول الحرم النبوي الشريف مئات الملايين من الريالات سنويًّا، خاصة في محلات بيع الهدايا، حيث تحظى هذه المنطقة بالنصيب الأكبر من إقبال الحجاج، تليها بقية الأسواق والمحلات التجارية الأخرى، لتعيش المدينة بذلك حالة من الحراك الاقتصادي، والتجاري.
وكانت المحلات قد استعدت منذ وقت مبكر لتوفير وبيع الخردوات بالمنطقة المركزية بتجهيز محلاتهم التجارية بالبضائع والأدوات التي يتم إعدادها لحجاج بيت الله الحرام، وحرص أصحابها على توفير كل ما يحتاجه المعتمرون والحجاج في المدينة المنورة من سلع وهدايا منذ وقت مبكر، وبمختلف الأنواع، ومن مختلف بلدان العالم المصدرة، بحيث يجد كل حاج ما يريد وما يتناسب مع قدرته المالية.
كثير من الحجاج أجلوا زيارة أسواق المدينة لحين العودة من المشاعر المقدسة، وبعضهم الآخر فضل التوجه إلى الأسواق قبيل المغادرة لشراء الهدايا لذويهم، ويشتري كثير منهم حاجاتهم من الهدايا القيمة، التي تعكس ثقافة المملكة الدينية والتجارية، والتي تناسب مختلف الأعمار، وتتميز بالجودة العالية. بعض الحجاج يحرصون على شراء بعض الصور والمجسمات الخاصة بالحرمين الشريفين والكعبة المشرفة، وآخرون يقبلون على شراء السبح، والسجاجيد، والأحجار الكريمة، وخواتم الفضة، والمصاحف التي طبعت بمجمع الملك فهد بالمدينة بمختلف أحجامها، بينما يفضل آخرون شراء بعض العطور التي تتميّز بها أسواق المدينة.
قال قائد إحدى حملات حجاج باكستان مسعود أختر إن "مما نحرص على شرائه من المدينة المنورة التمور، وخاصة العجوة التي اشتهرت المدينة المنورة بزراعتها، وقد وردت أحاديث نبوية تدل على بركتها، لذلك اشتريت 150 كيلوجراما من التمور هدية للأهل والأصدقاء"، مشيرا إلى أن حجاج شرق آسيا يفضلون بصفة عامة العجوة والعنبرة .
أما الحاج عمر ضياء من مصر فقال إنه بعدما انتهى من الحج حرص على أن يأخذ معه بعض الهدايا لأبنائه في القاهرة ، وقال "نفضل شراء الهدايا خفيفة الحمل، لنقدمها للأبناء والأحفاد والأقارب والجيران هدية من أرض المدينة المنورة"، مشيرا إلى أنه يفضل الهدايا التي لها ارتباط بالحرمين والمشاعر المقدسة، وأن أكثر ما جذب انتباهه آنية حديدية مزخرفة بآيات قرآنية حرص أن يأخذ عددا منها هدايا. وقال الحاج سليم نورمن الجزائر إن هدايا المدينة المنورة تتنوع، وخاصة تمورها، بالإضافة إلى تعدد أنواع الهدايا الأخرى كالملابس، والحلي، وأضاف "نحرص أن نشتري كل ما نحتاجه من هدايا من المدينة، وذلك لمكانة المدينة في نفوسنا على ساكنها أفضل الصلاة والسلام".