لطالما سعت البشرية قديما إلى اكتشاف أسرار الخلود، واليوم تجاوز العالم هذا السعي والأساطير والخرافات ليصبح جهدًا علميًا حقيقيًا، طبعا لا يوجد شيء اسمه خلود ولكن زيادة معدل الأعمار والإبقاء على الصحة والنشاط حتى آخر أيام الإنسان بإذن الله تعالى.

ونشهد الآن ثورة علمية في مجال البحث إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة، مستندًا إلى اكتشافات علمية دقيقة ويقدم مسارات واعدة لتمديد العمر الصحي للإنسان.

علم إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة هو مجال متعدد التخصصات يشمل أقساما فرعية متنوعة، كل منها يسهم برؤى فريدة في عملية الشيخوخة، وفي جوهره يسعى علم إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة إلى فهم الآليات البيولوجية التي تقود الشيخوخة وتطوير تدخلات وتغييرات وآليات يمكن أن تؤخر أو تعكس التدهور المرتبط بالعمر،


كمثال بسيط دائما ما نذكره، كان معدل أعمار السعوديين في عام 1965 حوالي 48 سنة، والآن معدلات أعمار السعوديين تقترب من 75 سنة، وكله بمشيئة الله وحده ثم الطب والاكتشافات الحديثة.

وكمثال على بعض أقسام علم إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة:

علم الشيخوخة البيولوجي: يركز هذا الفرع على الجوانب البيولوجية للشيخوخة، دارسا التفاعل المعقد بين الجينات والبروتينات والعمليات الخلوية التي تحدد العمر الافتراضي.

علم الشيخوخة: يفحص علم الشيخوخة العلاقة بين الشيخوخة والأمراض المرتبطة بالعمر، بهدف منع أو علاج الحالات مثل مرض الزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال استهداف الشيخوخة نفسها.

الطب التجديدي وهنا، يتم التركيز على إصلاح أو استبدال الأنسجة والأعضاء التالفة، غالبًا باستخدام الخلايا الجذعية، أو غيرها من الطرق لاستعادة وظيفة الأعضاء.

علم الجينوم الغذائي: يستكشف هذا المجال كيف يؤثر النظام الغذائي على تعبير الجينات والشيخوخة، بهدف تطوير إستراتيجيات غذائية لتعزيز إطالة العمر.

السينوليتيكس: يتضمن السينوليتيكس تحديد والقضاء على الخلايا الشيخوخة - الخلايا التي توقفت عن الانقسام وتسهم في الشيخوخة والمرض. وهناك أقسام كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.

إن تأثيرات الأبحاث في مكافحة الشيخوخة وإطالة العمر عميقة ومهمة من خلال فك شفرات أسرار الشيخوخة، فهي ليست تقف فقط على تمديد العمر الافتراضي، ولكن أيضًا على تحسين نوعية الحياة في سنواتنا الأخيرة، والفوائد المحتملة واسعة، من تقليل التكاليف الصحية المرتبطة بالأمراض المرتبطة بالعمر إلى السماح للأفراد بالبقاء نشطين ومنتجين في المجتمع لفترة أطول مع كل اكتشاف، نقترب أكثر من مستقبل، حيث لم تعد الشيخوخة انحدارًا لا مفر منه، ولكن جانبًا قابلًا للتحكم فيه في الحياة، ومقدمًا الأمل لعمر أكثر صحة وحيوية، هناك عدة تجارب علمية مثيرة للاهتمام، حيث تمكن العلماء من إطالة عمر الخلايا:

كمثال تمكن العلماء من زيادة معدلات نوع من الديدان 500 % أي يمكن أن يزيد العمر الافتراضي خمسة أضعاف.

وفي مثال آخر لدراسة تلوميرات الفئران، وجد الباحثون أن الفئران التي تمتلك تلوميرات أطول من المعتاد عاشت بمعدل 24 % أطول من الفئران العادية، وكانت أقل عرضة للإصابة بالسرطان وأظهرت علامات أقل للشيخوخة.

وأيضا مثال آخر لإطالة العمر في تجربة أجريت على الخميرة، تمكن فريق من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، من تمديد عمر هذا الكائن البسيط بنحو 80 % عن طريق التلاعب بالدائرة الجينية التي تتحكم في الشيخوخة.

هذه الأمثلة تظهر التقدم المثير في مجال الأبحاث عن إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة وتمديد العمر الصحي للخلايا.

وهناك مفهومان مهمان يجب معرفتهما في هذا المجال، العمر البيولوجي والعمر الزمني وهما مفهومان مختلفان يستخدمان لوصف العمر في سياقات مختلفة:

العمر الزمني هو ببساطة عدد السنوات التي مرت منذ ولادة الشخص، ويُحسب بالأيام والشهور والسنوات ويُستخدم كمؤشر للخبرات البدنية والتفاعل الاجتماعي والتعلم والثقافة.

العمر البيولوجي، من ناحية أخرى، يشير إلى مدى صحة جسم الشخص وشبابه أو شيخوخته، بناءً على عوامل مختلفة مثل الصحة، نمط الحياة، العوامل الوراثية، وغيرها. قد يكون العمر البيولوجي للشخص أكبر أو أصغر من عمره الزمني، ويمكن أن يكون مؤشرًا على خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر

أما الفروق بين العمر البيولوجي والعمر الزمني ببساطة.

- العمر الزمني ثابت ولا يتغير، بينما العمر البيولوجي يمكن أن يتأثر بعوامل متعددة مثل النظام الغذائي، ممارسة الرياضة، عادات النوم، والحالة النفسية.

- العمر الزمني لا يعكس بالضرورة الحالة الصحية للشخص، في حين أن العمر البيولوجي يمكن أن يعطي فكرة أفضل عن الصحة العامة والعمر الفعلي للأعضاء والأنظمة في الجسم.

لذا، يمكن للشخص أن يكون لديه عمر زمني معين، ولكن يبدو ويشعر بأنه أصغر أو أكبر بيولوجيًا بناءً على حالته الصحية ونمط حياته والعوامل الوراثية وغيرها.

لماذا علم إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة مهم للمملكة العربية السعودية والخليج عموما؟

علم مكافحة الشيخوخة وإطالة العمر يحمل أهمية كبيرة للمملكة العربية السعودية، كما هو الحال في العديد من الدول حول العالم. وهذه بعض النقاط التي تبرز هذه الأهمية:

تحسين جودة الحياة: مع تقدم السكان في العمر، يصبح تحسين جودة الحياة لكبار السن أمرًا ضروريًا، ويساعد علم مكافحة الشيخوخة في الحفاظ على الاستقلالية والقدرة على أداء الأنشطة اليومية.

الصحة العامة: يمكن للتقدم في هذا المجال أن يقلل من الأمراض المزمنة ويخفض من تكاليف الرعاية الصحية، مما يعود بالنفع على النظام الصحي السعودي.

المساهمة الاقتصادية: كبار السن الأصحاء يمكنهم المساهمة بشكل أكبر في الاقتصاد، سواء من خلال العمل لفترة أطول أو من خلال التطوع ونقل الخبرات.

البحث العلمي والتطوير: السعودية تستثمر في البحث العلمي والتطوير، وعلم مكافحة الشيخوخة يمكن أن يكون مجالًا رئيسيًا للابتكار والتقدم العلمي. التحديات الديموغرافية: مع تغير الهيكل السكاني وزيادة نسبة كبار السن، تبرز الحاجة إلى إستراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات الصحية والاجتماعية المرتبطة بالشيخوخة. التراث والثقافة: الحفاظ على صحة كبار السن يعني أيضًا الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمملكة، حيث يمكن للأجيال الأصغر أن تستفيد من خبرات وحكمة الأكبر سنًا.

بهذه الطرق وغيرها، يمكن لعلم مكافحة الشيخوخة وإطالة العمر أن يسهم في تعزيز الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية.