بدأ الشهر الفضيل، وبدأ معه سباق الركض الدرامي استغلالا لفترة مشاهدة الناس للتلفاز الوحيدة؛ لأن بعد ذلك يدرك العاملون في التلفاز أن ما ينطلي من هجره على ورق الصحافة ينطلي كذلك على شاشات التلفزة.

هذا الاستغلال طيلة السنوات الماضية كان يمارس التخبط والعشوائية رغم ملايين الريالات التي تدفع في الإنتاج، وذكرتها في مقال سابق بعنوان في الدراما المال يخون المحتوى، وناقشتها مع زملاء في حلقات متعدد من اللقاءات عن سخف الطرح وإعادة تدوير ما يحدث من سذاجة في شبكات التواصل الاجتماعي. وأن ما يحدث في الدراما العربية والخليجية، وتحديدًا السعودية هو مجرد الوجود بعمل في هذا الشهر بغض النظر عن المحتوى وجودة النص والفكرة المقدمة، فالأولويات هنا أن نكون موجودين في رمضان بعمل ثم المصارعة والعراك على أن نكون في وقت ذروة ثم الاستحواذ على أبرز الممثلين الموجودين، حتى لو لم يكن لهم دور حقيقي ليكتمل منظر الشلة التي اعتدنا على العمل معها، ثم الفكرة، ثم النص والسيناريو.

وفي كل ما مضى كانت شبكات التواصل الاجتماعي هي الذراع الأساسية التي يغذي المحتوى من حيث الأفكار، أما النص والسيناريو فيكتفي العاملون على العمل من خلال حديث هامشي في أقرب مقهى أن يرسموا الخط الأساسي للبرنامج أو المسلسل، والباقي يكون ارتجاليًا أمام الكاميرا دون أدنى احترام للمتلقي.


11 شهرًا من الهجوم على المؤثرين ونعتهم بمشاهير الفلس وإقصائهم من كل شيء، واستكثار عليهم كل نجاح تختزل بقدرة قادر في شهر واحد، حيث يصبحون هم المصدر للمحتوى وهم الملهمون، بل والمشاركون في بطولة المسلسلات.

هذه الفترة لمسنا حالة مختلفة في صناعة الدراما الأولى، تتمثل في مسلسل «ثانوية النسيم»، الذي لم يحشر نفسه بالغصب في رمضان، والثانية عندما استوعب النجم والغائب الأكبر عن الشاشة هذه السنة الفنان القدير، ناصر القصبي، وانسحب برقي لأسباب شخصيًا أجهلها، لكن ظاهريًا إما أن تكون استراحة محارب أو أنه لا يوجد عمل يستحق المشاركة به، لكن المبدأ هو أنه توقف وعدم الوجود بالغصب في رمضان.

المفارقة هنا أن الناس افتقدوه هذه السنة رغم أن وجوده طيلة السنوات الماضية كان مزعجًا لهم وانتقادًا كان أشبه بالفريضة اليومية، لست متأكدًا ما إذا كان الناس فعلا افتقدوا ناصر أم افتقدوا غريزة الانتقاد التي ذهبت مع ناصر.

تنجح الدراما السعودية عندما تتحرر من فكرة الـ30 حلقة، ومن فكرة الحضور في وقت وشهر محدد، ومن فكرة الاعتماد على محتوى شبكات التواصل وعكسه على شاشة التلفاز، ومن فكرة الاعتماد على الشلة، وعندما نتحلى بشجاعة ناصر القصبي.