دفعت الحالة المتردية التي وصل إليها مركز النقاهة الطبي بجدة بعضاً من ذوي النزلاء به إلى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" للمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة أهمها تغيير المبنى، ونقلهم إلى آخر مطابق للمواصفات والمقاييس العالمية لهذه الفئة من المرضى.
ومن خلال جولة لـ"الوطن" أمس في المركز لاحظت عدداً من مظاهر الإهمال، خاصة في الطابقين الثاني والثالث، حيث سمعت أصوات أنين النزلاء المنومين وصرخاتهم، كما لوحظ غياب كادر التمريض وإنشغالهم في قضاء الأمور الإدارية من ترتيب الملفات والتجوال في ممرات المركز لتبادل أطراف الحديث، غير مبالين باحتياجات المرضى، الذين يشكل كبار السن المصابون بأمراض مزمنة النسبة الأكبر منهم، إلى جانب المصابين في حوادث السيارات، الذين هجرهم أبناؤهم.
كما رصدت "الوطن" داخل أروقة المركز عدداً من المخالفات الصحية التي تتمثل في سوء النظافة والإهمال، من تجمع أكياس النفايات داخل سلال المرضى بجانب أسرّتهم، ووضع أنابيب الأكسجين بالممرات بجانب حاوية النفايات، وانتشار الروائح الكريهة والحشرات داخل دورات المياه، ووضع مناشف استحمام النزلاء بطرق تثير الاشمئزاز داخل دورات المياه.
وطالب عدد من النزلاء التقتهم "الوطن" بتوفير مبنى على مواصفات عالمية يضمن للمرضى الراحة ضمن مواصفات طبية لراحة هذه الفئة، من ضمنها توفير ساحات خضراء تمكنهم من التعرض لأشعة الشمس، إلى جانب توفير أدوات طبية حديثة كالكراسي المتحركة وأسرّة كهربائية، وأجهزة طبية تساعدهم في تنقلاتهم من الغرف إلى دورات المياه.
من جهته، أوضح مريض" تحتفظ الوطن باسمه" أن المبنى لا يساعد على شفاء النزلاء بل يزيدهم مرضاً وألماً، خاصة تردد أصداء أصوات المرضى وصرخاتهم بسبب اقتراب غرف النزلاء من بعضها البعض، إلى سوء نظافة دورات المياه. ويشير مريض آخر مصاب بجلطة نتيجة ارتفاع ضغط الدم إلى أن رائحة العفن المتصاعد من غرف المرضى تشعر النزلاء بالغثيان المستمر، مضيفاً "لا تغير سلال النفايات في أغلب الغرف"، مؤكداً أن عدم دخول أشعة الشمس في الغرف يتسبب في حدوث الحكة الشديدة لعدد من النزلاء. وكشف مصدر داخل المركز، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن المركز يفتقر لجميع مقومات الحياة بدءاً من الأدوات الطبية الحديثة وانتهاء بسوء النظافة وانتشار الفئران والصراصير في غرف المرضى ودورات المياه، مؤكداً أن عدد الكوادر الطبية داخل المركز كاف، لافتاً إلى أنهم يؤدون دورهم المنوط بهم.
وأشار إلى أن حالات المنومين ما بين مرضى السرطان وكبار في السن يعانون من إصابات حوادث مرورية وشلل نصفي وإصابات دماغية وجلطات دماغية تعجز أسرهم عن تقديم الرعاية لهم.
من جهته، أوضح مدير المركز الدكتور محمود الحاج، أن المركز أسس في عام 1402، مشيراً إلى أنه تابع لمستشفى الملك فهد العام ولا يصلح للآدميين، مفيداً بأن المبنى متهالك، ملمحاً إلى رفعه خطاباً رسمياً لوزارة الصحة بذلك، مضيفاً "لا يزال البحث جارٍ عن موقع عقار مناسب".
وأفاد بوجود دعم من الشؤون الصحية، مؤكداً أنه لا يوجد عقار مناسب لاختياره كمركز للنقاهة الطبي، وأن المركز يسع لـ 100 سرير، لافتا إلى صدور توجيهات قبل رمضان بالتخلص من عدد من المرضى داخل المركز بتوزيعهم على المستشفيات، مفيدا بتوزيع 20 مريضاً على مستشفيات مكة المكرمة. وأشار إلى أن 30 % من الحالات الموجودة نتيجة حوادث سيارات تسببت في إصابتهم بشلل نصفي، و30% أخرى من كبار السن لديهم جلطات بالدماغ ويتغذون عن طريق فتحات في القصبة الهوائية، والتنفس عن طريقها، ولا يقدرون على الذهاب لدورات المياه إلا بمساعدة أحد الممرضين. وأضاف أن هناك حالات عدة من النزلاء هجرهم ذووهم، مما تسبب في إصابتهم بحالات نفسية نتيجة بقائهم بالغرف لعدة سنوات، لافتاً إلى الاستعانة لذلك بأخصائيين نفسيين من مستشفى الملك فهد العام واستشاريي عظام وقت الحاجة، مضيفا "لدينا أخصائية اجتماعية لدراسة حالات المرضى".