هكذا هم العنصريون لا يتوفون لحظة عن ممارسة التنمر، في كل مرة يقام فيها حدث وطني، أو تنظم احتفالية عامة دينية كانت أو اجتماعية، لا بد أن يؤكدوا وجودهم بإثبات حمقهم الذي (تشير إليهم في كل مرة لرؤية القمر ولكنهم) لا ينظرون إلا لإصبعك، حيث يقف مستوى تفكيرهم، بشكل أصبح معيبا ومزعجا. هؤلاء موجودون في حياتنا بالأصل ولهم صولات وجولات من الانتقادات التي تطال حتى لون الوردة في المزهرية، ودرجة لون الأبيض لطرحة العروس، ورائحة العود في ليلة الفرح. موجودون منذ الأزل، أعداء للسعادة كما هم أعداء للحياة، ينشطون على انتقاص الآخر والنيل من فرحته... (لماذا)؟!
لأنهم محرومون إراديا من تلقاء أنفسهم، محرومون من تقاسم الفرحة مع الآخرين في الأصل، ونراهم على العكس ينشطون في المحازن والمآسي يودون لو أنها فرضت تحديدًا على الكل.
لا شك أن هناك بؤرة خلقت هذا الصدع في عقولهم، وإلا ما كان لهؤلاء المتنمرين الشماتين سمات مشتركة جعلتهم متشابهين، يرددون الألفاظ نفسها، ويتعاطون الإدمان نفسه، لذلك تظهر عليهم جميعا الأعراض ذاتها.
لفت نظري خلال احتفالية التأسيس رد استفزني حقيقة في تعليقه على مشاركات المشاهير بأزيائهم الشعبية في يوم التأسيس، ووصف الفعالية بأنها إحياء للبؤس والفقر، باعتبار الصحراء وما فيها من رمال ما هي إلا (مردغة)، لا تعبر عن النعمة التي يستحق الحمد عليها بالوقت الحاضر. وكأني بهذه الردود وحملة الانتقادات أرى أناسًا (تتشربل) مع سبق الإصرار والترصد، ثم تحولوا بعد ذلك إلى صنع شيء من المماحكة الوطنية مع دول الجوار الخليجية والعربية، وكأن طريق السعادة مغلق ولا يمر إلا بالتنمر وإثارة العنصرية، وكأن شق الصف هو قص كعكة الفرح بالنسبة لهم.
مثل هؤلاء لا تكفي محاسبتهم من جمعية الذوق العام، بل يفترض إعادة تأهيلهم إنسانيًا واجتماعيًا.
يجب أن يكون لتهذيبهم تشهير، حتى تنقرض وتنتهي هذه الظاهرة التي كثيرًا ما تقلب السعادة لتعاسة، وتشحن الطاقة العامة للحياة بسوداويتهم، وأن تعتليهم قوة تضبط فوضويتهم المدمرة. أعلم أننا بفضل حكومتنا وولاة أمرنا على مستوى الاحتفالات والفعاليات تجاوزنا مراحل من الفوضى بقوة النظام والقانون وسنتجاوز في القريب (المتنمرين).