و ها نحن في ذكرى التأسيس المجيدة ، نتحدث عن بطل من أعظم و أشهر أبطال مرحلة التأسيس ، و هو الإمام الشهيد الرمز عبدالله بن سعود . الذي حكم البلاد في الفترة من 1814 - 1818 و كان آخر ائمة الدولة السعودية الأولى ، كان الإمام عبدالله رحمه الله شخصية يتوازن حولها العرب بكل اطيافهم و قبائلهم . كان نموذجا ملهما للأحرار ، ورث عن اسلافه ناموس المجد و استحقاق الزعامة ، نستعيده اليوم من ذمة التاريخ لنتحدث عنه و إليه و لنخبره أنه فخر حاضر فينا و سيبقى .
قال عنه المؤرخ ابن بشر «كان عبد الله بن سعود ذا سيرة حسنة، مقيما للشرائع، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، كثير الصمت، حسن السمت، كثير الوقار، باذل العطاء وموقراً للعلماء».
ولد عبدالله بن سعود في عام 1773م و تعلم الفروسية و السياسة في وقت مبكر من حياته فكان يقود الجيوش و يصد الاعتداءات العثمانية في عدة مواقع كان من اشهرها معركة وادي الصفراء 1812 و التي انتهت بهزيمة العثمانيين و تأمين المدينة المنورة .
في عام 1818 زحف الغزاة العثمانيون باتجاه الدرعية و حاصروها حصارا طويلا استنزف مواردها و اهلك أهلها . و هناك دارت رحى حرب شرسة ثم أدرك الإمام عبدالله أن ميزان القوة يميل لأعداءه فراى أن يبرم اتفاقا مع قائد الحملة المعتدية يقضي بتسليم نفسه في مقابل ضمان إنهاء الحرب و تأمين الدرعية و سلامة أهلها . كان الإمام سياسيا نبيلا يصون عهده ، و كان شجاعا بما يكفي للفداء بنفسه . و الحرب لدى العرب لم تكن مسوغا للغدر فكان الرجل منهم يموت دون كلمة أعطاها و وعدا قطعه على نفسه . و لان الإمام كان بهذه الفروسية لم يكن ليتصور أن يغدر به ابراهيم باشا و قد عاهده . لكن ما حدث كان مختلفا ، فقد نكث قائد الحملة العهد و استولى الغزاة على الدرعية و دمروها و نهبوا ارزاقها و ارتكبوا أعمال قتل و جرائم إبادة مازالت حتى اليوم مدفونة في ظل التاريخ لم يسلط عليها الضوء ، و لم نتحدث عنها بعد !
أخذ الأعداء الإمام عبدالله ، و اي رجل كبير أخذوا ، كيف لا و قد ظفروا بالرجل الذي كسر شوكتهم و نكس راياتهم و أجرى مصارعهم على أبواب حصونه السنوات الطوال . كان عبدالله بن سعود رقما صعبا بكل المقاييس . لا بل كان الرقم الوحيد القادر على تغيير المعادلة العسكرية للاحتلال ، كأجداده كان فلم يقبل ان يكون تابعا او دافع جزية او مشمول بحماية المحتل . كان شامخا كالجبال الراسيات في اقليم يعج بالمنتفعين و الأتباع .
السلام على الإمام العظيم عبدالله بن سعود و على رفاقه الأوفياء و آباءه الزعماء الذين صنعوا بدماءهم المعجزة السعودية . و إن كانت ذكرى التأسيس مناسبة لنتحدث عن أبطالنا كما ينبغي ، فإننا لا ننسى ان قيامهم و نهوضهم في تلك الأحداث الجسام يجب أن يحظى بعناية أكبر و أن يقدم للأمة السعودية في روح جديدة و قوالب عديدة تنضج في و عينا معنى الامتداد ، و تبقينا على اتصال بهم جيلا بعد جيل.