وليس بغريب على المؤلف أن يتناول مثل هذا الموضوع المهم، فقد سبق له أن ألف كتاب (موسوعة تاريخ ونسب قبيلة الجبور) الذي كان جهدا كبيرا ومتميزا حقا، وثق فيه تأريخ ونسب القبيلة، بعد غياب التدوين عن ساحة الأنساب منذ أمد بعيد، حيث كان أبناء القبيلة يضطرون إلى حفظ أنسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والاستظهار، وتداولها بالمشافهة، مما قد يعرض الأنساب للمسخ والتشويه بضعف الذاكرة بمرور الوقت، ولاسيما في عصرنا الحاضر، مع تسارع تداعيات الحداثة الجارفة، وانحسار مجالس السمر في الدواوين، حيث تراجع الاهتمام بتداول مرويات التراث والنسب كثيراً ، وخاصة مع غياب ثقافة البيئة الملائمة للتداول.
وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب يتميز بتغطيته الشاملة لكل تفاصيل موضوع صراع الجينات الذي يتجسد في موضوع الأنساب، من خلال الأبواب السبعة التي تضمنها الكتاب، بدءا بالباب الأول، المتضمن النسب وأهميته لدى العرب، وانتهاء بالباب السابع أقسام العرب.
وتأتي قيمة الكتاب العلمية والمهنية من كونه جاء بسرديته الموضوعية نتاج تأليف كاتب ومؤرخ وخبير ، عاش تفاصيل مفردات العمل، والبحث التاريخي في الأنساب، والتراث، محققا وباحثا ومنقبا، لفترة طويلة، ليكون الكتاب بتلك المعطيات، مستودع خبرة متراكمة، في تاريخ وأنساب العشائر، تضفي على الكتاب قيمة موسوعية إضافية.
وهكذا يعتبر الكتاب، بهذه المنهجية المهنية الشمولية، مصدرا مهما للباحثين والدارسين والمهتمين بالأنساب، لأنه جاء وليد خبرة ميدانية متراكمة طويلة، واختصاص مهني رصين للمؤلف، واهتمام بعين تاريخية متمكنة ومتمرسة.
ولعل طرح هذا الكتاب المرجع مترجما إلى اللغة الإنجليزية مستقبلا، سيكون مفيداً جداً، لتعميم الفائدة منه مصدراً للجميع. والكتاب بعد ذلك كله جهد علمي مهني بمصادره وطريقة تناوله، يستحق عليه المؤلف، عبدالله السالم الجبوري، خبير الأنساب وتراث العشائر، كل الإشادة والإطراء والثناء.