قاد الحديث عن ارتفاع أسعار البصل أخيرًا ــ والذي سيطر على أحاديث المجالس أخيرًا ــ عددًا من كبار السن ممن عاشوا في البادية إلى استرجاع ذكرياتهم عنه، حيث كانوا يعدونه «خضرتهم أو سلطتهم» المفضلة مع الطعام وقت الحاجة، كما أنه كان يدخل في عدد من وجباتهم المفضلة.

فرقاعة بالسمن

يجزم رئيس النادي الأدبي في منطقة الحدود الشمالية ماجد المطلق، أن البصل من أهم أنواع الأغذية لدى أهل البادية بسبب وفرته وانخفاض سعره، وما يقدمه من طاقة ونشاط ومحاربة لأمراض الشتاء، منوها أن رجل البادية إن كان على عجلة من أمره في الفترة الصباحية فإنه يأكل البصل مع الخبز، ويذهب ليكمل يومه المليء بالمتاعب والترحال.


وأشار المطلق إلى أنه «بسبب سوء الأوضاع المعيشية لدى كثيرين من أهل البادية خاصة في السنوات الجدباء التي لا تهطل بها الأمطار، فإنهم كانوا يصنعون من البصل وجبة عشاء غنيّة من خلال طبخ السمن وتقطيع البصل عليه، وتناوله لاحقًا مع الخبز وهي الأكلة المعروفة لدى البادية باسم «فرقاعة».

ماء البصل

كان البدو سابقًا يهتمون كثيرًا بشعر الرأس وإطالته كثيرًا والمحافظة عليه، ولذا لجأوا إلى ماء البصل ليغسلوا به رؤوسهم حيث يحرصون على غسل فروة الرأس به، لأنه يساعد على منع نمو الفطريات والبكتيريا، ويمنح الشعر نعومة، ويساعده على النمو السريع، وقد كان الشعر رمزًا للقوة عند الرجال، ورمزًا للجمال عند النساء.

ويعرف البصل بأنه أحد أنواع الخضار، ويمتاز برائحته القوية بسبب وجود مركبات الكبريت الأليوم والكريستين، التي تمنحه الطعم والرائحة المميزة، وهي المادة المسؤولة عن فوائده الصحية والعلاجية.

ويعد البصل من أقدم المحاصيل الزراعية، وقد عرف منذ آلاف السنين، في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، والصين والهند، وقد كان رمز الأبدية في الحضارة الفرعونية، فعثر على نقوش تحتوي على البصل في الأهرامات والمقابر المصرية القديمة.

وعلى الرغم من أن أمراض البدو تبدو قليلة مقارنة بخشونة عيشهم، وذلك لأنهم يستفيدون من وجود الهواء النقي وتوفر الشمس المطهّرة لأجسامهم، إضافة إلى قلة ما يأكلون من الأطعمة المركبة، ناهيك عن محافظتهم على العفاف، وعنايتهم بالزواج المبكر، وقلة الهموم التي تساورهم، فقط كانوا يستفيدون من المواد المتوفرة لديهم ليعالجوا الأمراض والجراح والأوجاع، ولعل البصل واحد من تلك المواد حيث كانوا يغلونه بالماء ثم يصفُّونه، ويغسلون به الجروح.

ارتفاع كبير

يذكر أن الأسواق السعودية شهدت ارتفاعات في أسعار البصل بالتزامن مع ارتفاعات أسعاره خليجيًا وعالميًا، وهي الارتفاعات التي بدأت منذ فترة، حتى وصل متوسط سعر الكيلو جرام الواحد للبصل في الأسواق خلال الأسبوع الحالي إلى 9 ريالات في شمال المملكة وتحديدًا في مدينة طريف، وذلك بزيادة أكثر من 60% مقارنة بما كان عليه السعر في منتصف العام الميلادي المنصرم.

وحسب التوقعات العالمية، فإن أزمة ارتفاع أسعار البصل ربما تستمر حتى بضعة أشهر مقبلة، حيث تشير تلك التوقعات إلى أن الزيادات في أسعاره مستمرة حتى منتصف العام الحالي وذلك في مختلف أنحاء العالم، بما فيها الدول الرئيسة المنتجة له في آسيا وأوروبا، وذلك وفقا للتقارير الزراعية الأوروبية.

وبلغت إيرادات سوق البصل العالمي أكثر من 76.13 مليار دولار أمريكي قبل العام الماضي 2023، ومن المتوقع أن يشهد هذا السوق نموًا سنويًا بنسبة 7.52% حتى عام 2028.

وتعود أزمة البصل على الصعيد العالمي إلى منتصف فبراير 2023، نتيجة للظروف الجوية القاسية والأزمة الروسية-الأوكرانية، إضافة إلى حظر تصدير العديد من الدول المنتجة للبصل لمواجهة ارتفاع أسعار الغذاء محليًا.