راهنت رؤية 2030 على قطاعات اقتصادية عدة، في دعم خزينة المملكة، بعيدًا عن دخل النفط، وأعلنت أن قطاع السياحة سيكون بمثابة الحصان الأسود، لإيجاد منظومة اقتصاد وطنية قوية، واليوم تكسب الرؤية الرهان، بعدما أعلنت وزارة السياحة أن المملكة حققت نسبة تعافي بلغت 156% في أعداد السياح الوافدين خلال العام الماضي مقارنة بآخر إحصائية سبقت ظهور جائحة كورونا في العام 2019.

وبحسب تقرير منظمة السياحة العالمية (باروميتر) الصادر في شهر يناير، تتجاوز النسبة التي حققتها المملكة المعدل العالمي في التعافي من آثار جائحة كورونا وهو 88%، متفوقةً على منطقة الشرق الأوسط بنسبة 122%، وأفريقيا 96%، وأوروبا 94%، والأمريكيتين 90%، وآسيا والمحيط الهادي 65%، ومع وجود 1.3 مليار وافد دولي، توقع التقرير حدوث انتعاش أكبر وأشمل بحلول نهاية العام الجاري، مدعومًا بالطلب المكبوت، وتحسين الاتصال، والأسواق الآسيوية المرنة.

ميزان المدفوعات


النمو في قطاع السياحة السعودي، أشارت إليه وزارة السياحة، عندما نشرت بداية العام الجاري أن المملكة حققت أعلى رقم تاريخي في إنفاق الزوار القادمين إليها، حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي 2023 حسب بيانات بند السفر في ميزان المدفوعات، بمعدل إنفاق يتجاوز 100 مليار ريال، محققةً فائضًا يقدر بـ37.8 مليار ريال، ونسبة نمو 72% مقارنة بالفائض المحقق خلال الفترة نفسها من عام 2022م.

الانتعاش السياحي

ويرى الخبير والمستثمر بالسياحة هاني اليوسف مالك «أن ما تشهده المملكة من ارتفاع معدل السياحة يأتي تماشيًا مع الرؤية الجديدة لتكون بذلك المملكة منافسة وبقوة مع الدول السياحية العالمية، خاصةً مع ما توليه القيادة ووزارة السياحة من اهتمام كبير في هذا القطاع تجسد واضحًا في القفزات النوعية التي كانت بمثابة روافد مميزة للسياحة السعودية وانتعاشها، بدءًا من تحسين البنية التحتية في جميع مناطق المملكة إلى العمل التطويري الجبار الذي ظهر في كثير من مناطقها بشكل لافت ومبهر في وقت قياسي، جذب السواح بشكل كبير مستشهدًا بأنه حين نبدأ بمواضيع السياحة يكون المركز الأول هو للسياحة الدينية وخدمة الوافدين إلى الحرمين الشريفين، وتقديم أفضل الخدمات والتسهيلات لهم، ما رفع نسبة القادمين المعتمرين والزائرين، فضلًا عن موسم الحج الماضي الذي شهد إقبالًا كبيرًا حققت معه المملكة أعلى المستويات في هذا التوجه السياحي الديني».

مضيفًا: «يأتي بعدها المحور الذي حرك السياحة وعمل على تنشيطها أكثر؛ وذلك حين أتاحت المملكة الحصول على عددًا من التأشيرات التي تناسب السياح القادمين من دول مختلفة، حيث فتحت مجال أكبر لحضور مختلف السواح من جميع المنافذ البرية، البحرية، الجوية، وتتوفر جميع التأشيرات عبر المنصة الوطنية الموحدة للتأشيرات، وموقع الهيئة السعودية للسياحة».

مقومات وطنية

وأكمل «أن ما تتمتع به المملكة من مقومات وطنية، وتراثية تاريخية تعتبر عاملًا آخر للجذب السياحي، كما هو حال المجموعات السياحية الوافدة التي تأتي للوقوف على التراث الأحسائي في المنطقة الشرقية والآثار فيها كون الاحساء واحة تراثية مسجلة في اليونسكو، ما أثار فضول الوافدين والسواح للوقوف على معالمها، ومعرفة تاريخها وتاريخ بقية المحافظات ومدن المنطقة، هذا عدا المناطق الأخرى التي تزخر بآثار وتاريخ أصيل يجذب هذا النوع من السواح المهتم بمعرفة تاريخ البلد، بالإضافة إلى الأماكن الترفيهية والسياحية ومدى تأثير طبيعة بعض المناطق الجبلية الجاذبة التي رفعت من مستوى المفاهيم السياحية في المجتمع السعودي، مستدركًا هنالك أيضًا دور المهرجانات كمهرجانات العلا والرياض وغيرها وهي من أقوى المواسم التي تجذب الزوار كوجهة مميزة تجمع الفن والتراث والثقافة، والترفيه، الذي لا ينحصر على فئة عمرية واحدة بل هو شامل للعوائل وللأفراد».

وجهات وبرامج

وأبان «هنالك في الجهة الغربية مشروع البحر الأحمر وافتتاح المطار ذا التصميم الأرقى والأجمل على مستوى عالمي جاذب، كما أن السياحة البحرية هناك تشهد تطورًا لافتًا على مستوى الخدمات، الجزر، الأماكن، ماجعلها واحدة من أهم الوجهات السياحية على مستوى المنطقة والعالم، قد تضاهي بذلك جزر المالديف، خصوصًا مع ما تقدمه الوزارة من آليات مبتكرة ومستدامة لتنشيط القطاع وتنميته.

كما أن تهيئة الأماكن السياحية له دور كبير في عامل الجذب السياحي ويشمل التطوير المستمر الذي نشهده في أبها ونجران، عسير، جيزان وغيرها من المدن الجميلة في جنوب المملكة، حيث الطبيعة الجبلية الخضراء».

وأكمل «تنوع الأنشطة والبرامج السياحية كان له عامل أكبر في ارتفاع السياحة هنالك مغامرات السفاري، والهايكنغ، المدن العالمية الترفيهية، ومدن الألعاب، وبوليفارد الرياض، والأسواق المختلفة».

صناعة المستقبل

بوصفها أحد أهم صناعات المستقبل أكد اليوسف أن السياحة تمثل دعمًا للاقتصاد المحلي، والتنمية المستدامة، وتوفير مصادر دخل للمجتمعات المحلية، وجذب الاستثمارات المختلفة ما يسهم في تنوع مصادر الاقتصاد، كما لها ميزات عدة على مستوى المجتمع، تنوع الثقافات، الانفتاح على الآخر، تخفيض البطالة، وتوفير فرص وظيفية أكبر لأبناء المملكة، علاوة على ذلك دورها في نقل صورة مهمة عن أخلاقيات البلد المستضيف، وتعامله حين يعود السائح محملًا بصور جميلة عن كرم وطيبة ورحابة المواطنين في المملكة، ماينعكس إيجابًا على سمعتها الاجتماعية، الحضارية، والسياحية، والثقافية».

ولفت إلى «أن جهود وزارة السياحة كبيرة لجعل المملكة في مقدمة مصاف الدول العالمية المميزة، وسنشهد مستقبلًا متميزًا أكبر، حيث المملكة مقبلة على استضافة كأس العالم واكسبو، وتغيرات ثقافية وتطورات أدبية، فنية، رياضية ستجعل منها حاضنة لكل التوجهات العالمية».

الفرص الوظيفية

وعن توفير الفرص الوظيفية صرح هنالك الكثير من الفرص المتاحة ليكون الشاب السعودي قائدًا وعنصرًا فاعلاً في مسيرة التقدم السياحي فهنالك وظائف في إدارة الفنادق، ووكالات السفر، واستقبال الوفود، الترجمة، التنقلات، خدمة ضيوف الرحمن، وغيرها من الفرص العملية التي ترفع من نسبة العمالة السعودية والتمكين الوظيفي.

ولفت لدعم المواطن السعودي في العمل السياحي قدمت المملكة دورات وبرامج متعددة من خلال منصات شركات سياحية، ووزارة السياحة السعودية ذاتها، لتهيئة المواطن في العمل في القطاع السياحي ودعمه للارتقاء في هذا التوجه».

نسبة التعافي السياحي:

السعودية= 156%

الشرق الأوسط =122%

أفريقيا= 96%

أوروبا= 94%

الأمريكيتين= 90%

آسيا والمحيط الهادي= 65%

المعدل العالمي =88%

النمو في قطاع السياحة السعودي

معدل إنفاق على السياحة= + 100 مليار ريال

فائض الأنشطة السياحية= 37.8 مليار ريال

نسبة نمو الفائض= 72%