ويبدو أنه كان على كثير من الحق في «الفائدة» أو الفوائد التي حصلت عليها بمفهوم الناس ومنطقهم، كانت دائمًا مغموسة بالحزن والخوف والقلق الا فائدة، واحدة هي محبة الناس، التي كانت وما تزال تعلو عندي فوق كل فائدة فهي حسابي في مصارف الحياة، وهي رصيدي الذي أرجوه في تاريخها.
ورغم أن الصحافة المحلية لم تنشر شيئًا عن خبر زفافي في تلك الليلة.. جريًا على عادتها في إغفال أخبار الصحفيين الموقوفين -أو المفصولين- إلا أن صحيفة «الشرق الأوسط» نشرت الخبر.. بل وكان الصديق العزيز الأستاذ محمد علي حافظ -أحد ناشريها- في مقدمة الحاضرين.. وبين آخر مغادري الحفل.
بعد العشاء اصطف الحاضرون جميعًا -وأنا بينهم- أمام «المنصة» التي وقفت عليها الفرقة الموسيقية بقيادة موسيقارنا الجميل، الأستاذ سامي إحسان، الذي نبه على زملائه من العازفين بعد آخر «بروفة» أجراها معهم -كما قال لي ابن ابن خالتي الأستاذ طارق منير قاضي- بأن يبذلوا أقصى ما لديهم، وأن يحسنوا أداءهم بكل ما يستطيعون؛ لأن جمهورهم -الليلة- ليس عاديًا.. فهو من الصحفيين المعروفين بـ«طول ألسنتهم»، ولم يكذب العازفون خبرًا لـ«قائدهم».. فقد عزفوا وأبدعوا أيما إبداع وهم يصحبون الفنان الشاب -وقتها- علي عبدالكريم، الذي استهل تلك الليلة، ثم وهم يصهلون بـ«أقواسهم» و«ريشهم» وإيقاعاتهم خلف الفنانين الرائعين، الأستاذ فوزي محسون، والأستاذ محمد عبده.. اللذين غنيا في تلك الليلة كما لم يغنيا من قبل.. من موال «بدوي بدت طلائع ثغره» إلى «حبيبتي.. ردي سلامي للهوى» وما بينهما، فأطربا الحاضرين نغمًا وحلمًا.. وأسقياهما من سلاف غنائهما ما أدار رؤوسهم نشوة وبهجة تذهب كدر الأيام وتباريح الليالي، لقد أنستني تلك الليلة بحضورها وأحاديثها وغنائها.. قصة إيقافي -أو فصلي- وكل ما كان يدور حولها في الوسط الصحفي من «واغش» الأراء والتكهنات لأستقبل ليلتي التالية.. ليلة زفافي لزوجتي، هدى عبدالرحمن أبو زنادة.
1999*
* كاتب وصحافي سعودي «1940 - 2021»