تعج البرامج الحوارية، وبرامج الفتاوى، ولمّة الأصدقاء، و«السوشيال ميديا»، بحزم هائلة من الأسئلة التافهة التي تُنتج - غالبًا - إجابات مضحكة، والأسئلة التافهة تعد نوافذ لأفكار جديدة، وأسئلة أخرى «عميقة»، وهي لا تستفز أحدًا، ولا تنم عن جهل، بل عن سعة أفق، واستشراف، لذا لا أتفق مع ما قاله البروفيسور المغربي إدريس أوهلال خبير التخطيط الإستراتيجي والاستشراف: «إن نقص الاستشراف بالأمس هو سبب هذه الأسئلة التافهة التي يعج بها الحاضر، ولنا أن نتصور تفاهة الأسئلة التي سيعج بها المستقبل إذا استمر نقص الاستشراف اليوم».
(2)
نقص الاستشراف لم يُنتج أسئلة تافهة، بل إن هذا النقص حدث بسبب قمع الأسئلة التافهة، واستشراف المستقبل - بحد ذاته - بحاجة لأسئلة تافهة، فالأسئلة المنطقية نتاج معطيات الحاضر.
(3)
وقف رجل أمام الإمام أحمد بن حنبل وقال: «ماذا أفعل إن وجدتُ أمي سكرى؟!»، فأجاب: «إن وجدت أمك سكرى اسألني!»، وسألت مذيعة قناة «البغدادية» العراقية السياسي العراقي الشيخ علي حاتم: «أنتو السنة ليش ما تسمون علي وحسين وكاظم؟!».. فأجاب: «لعد أنا شسمي.. ميسي؟!».
(4)
أي سؤال له ثلاثة أركان: السائل، والمجيب، ومن يعمل بالإجابة، بيد أن السؤال التافه «ثوري»!، يسلك طرقا جديدة، وطرائق قددا، وإجابته ضرورية.
(5)
السؤال يبقى بحاجة إلى إجابة، والماضي يزخر بحزمة من الأسئلة التافهة التي أتت إجابتها بعد قرون، والواجب على المثقف أن يجيب.
(6)
السوشيال ميديا يعج بالأسئلة التافهة الهدف منها التفاعل، تحتوي عادة على كلمة «ثقيلة دم» وهي «تتفقون؟»، مثل «الرجل لا شيء بدون أنثى.. تتفقون؟» و«أين ترى نفسك بعد 10 سنوات؟»، ولكن هذا النوع من الأسئلة تتفتق منه الأفكار المدهشة، والجديدة، والأسئلة الاستشرافية، والموضوعات التي تستحق النقاش، على نحو من العصف الذهني.
(7)
ربما يكون السائل تافها، ولكن الأسئلة لا يمكن أن تكون تافهة!.. تتفقون؟.