فالأغلب يجمع على أن صوتك يعكس شخصيتك كما يقول الكاتب فيفان بوكان في كتابه كيف تتحدث بثقة أمام الناس، فالصوت يجعل أحاديثك تزهر أو تموت في المهد وتصبح منفرًا وينتظر الآخرون الخلاص منك ومن أحاديثك. وكما يقول أيضا روبرت فروست بأنه: «هناك أصوات تضفي معاني أكثر على الكلمات» وإن الصوت شيء فريد أكثر من البصمة، إنه يكشف عن شخصيتك ومزاجك واتجاهاتك ومشاعرك، في كل مرة تفتح فيها فمك لتتحدث.
يمكننا أن نصرخ أحيانًا عند الحديث للتعبير عن الشغف أو الإثارة أو الغضب. وهذا متفهم وواضح كونها طريقة للتعبير عن مشاعرنا بشكل قوي وملموس. لكن الطريقة التي نتحدث بها يجب أن تكون مناسبة للموقف والمكان. وارتفاع الصوت لا يعني بالضرورة قوة الحجة. القوة في الحجة تكمن في جودة الأدلة والتفكير المنطقي والقدرة على التعبير بوضوح. وبتأكيد يمكن أن يكون الصوت الهادئ والمهذب أكثر قوة في إيصال الحجة بشكل فعال. الأهم هو التركيز على الجودة والمنطق في الحجج بدلًا من مستوى الصوت.
إضافة إلى ذلك، يقول المثل «الطبل صوته عالي لأنه أجوف».. يلخص هذا المثل سلوكيات بعض الأشخاص الذين يستخدمون صوتهم العالي كسلاح لهم في المواقف التي يكون فيها مواجهة بينهم وبين شخص أو أكثر يشعرون أنه على حق وأن موقفهم ضعيف. فيصعدون من نبرة صوتهم معتقدين أن «ثقافة الصوت العالي» يمكن أن تتغلب على الطرف الآخر وتسبب له حالة من التشويش الفكري وبالتالي لا يستطيع مواجهتهم والتغلب عليهم.
والتسلح بالصوت العالي كأداة ومقياس للقوة، نصحني بها أحد الأصدقاء وهو يقول بثقة «في هذا الوقت ومن واقع تجربة وخبرة قابل الصياح بالصياح تسلم» - وأكمل واسترسل بثقة تزيد عن ثقته الأولى بكثير - بأنك لن تسلم فقط! بل ستصل لمبتغاك وسيهابك الناس وسيحسبون لك حسابات تلامس حدود الآلاف إن لم تزد!
بالطبع الجميع لا يرغبون بأن يكونوا ضعفاء ويرغبون في الحصول على مبتغاهم وأن ينظر لهم الناس بكل احترام وتقدير فهل نستخدم أسلوب وطريقة صاحبنا لتتماشى مع معطيات العصر الحالي على حد قوله؟ أم نتبع ما قاله ففيان وروبرت ونصبح سذجًا في أعينهما؟!