ومن الواضح أن الحرب الروسية - الأوكرانية أصبحت حرب استنزاف. لذا، فإلى جانب إرسال المساعدات العسكرية التي تشتد الحاجة إليها (مثل نظام ATACMS، وطائرات إف-16، والذخائر)، هناك حاجة إلى المزيد من المساعدة في إنهاء الحرب وخلق سلام دائم.
وهنا تعتبر صناعة الدفاع الأوكرانية القوية والمستدامة أمرا بالغ الأهمية، حيث أعيد تنشيط القطاع في وقت قريب، وشاركت فيه ألمانيا وتركيا، ولكن شركات الدفاع الأمريكية لم تكن حاضرة في قطاع الدفاع الأوكراني الذي أعيد تنشيطه. لكن بوسع أوكرانيا أن تحقق النتائج المرجوة في إنعاش قطاعها الدفاعي من خلال التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا.
حالة الحرب
وتنتهج ألمانيا وتركيا إستراتيجية التصنيع بكييف على الرغم من المخاطر التي يشكلها الاستثمار والتصنيع ببلد في حالة حرب، حيث أعلنت شركة الأسلحة الألمانية «راينميتال» أنها ستحتفظ بالأسلحة وتنتجها في أوكرانيا. كذلك فعلت شركة تصنيع الطائرات بدون طيار التركية Baykar، التي ستشارك في إنتاج طائرات Bayraktyar وAcini بدون طيار باستخدام محركات أوكرانية الصنع.
لكن ما يغيب بشكل صارخ عن هذه الأنشطة هو شركات الدفاع الأمريكية. فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة إلى أوكرانيا، فإن شركات الدفاع الأمريكية لم تكن حاضرة في قطاع الدفاع الأوكراني الذي أعيد تنشيطه حتى وقت قريب. وفي ديسمبر الماضي، يبدو أن إدارة بايدن قد انتبهت إلى هذا النقص، فاستضافت مؤتمر القاعدة الصناعية الأمريكي - الأوكراني الافتتاحي، ما يشكل خطوة أولى، لكن لا بد أن تتبع ذلك مبادرات حكومية أخرى تهدف إلى تعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية في أوكرانيا.
وهناك العديد من الأدوات للقيام بذلك، من بينها مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا التي أطلقتها «بنتاغون»، والتمويل العسكري الأجنبي، والأصول الروسية المجمدة التي تبلغ 300 مليار دولار والمودعة الآن في الغرب، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
تجديد المخزون
وأظهرت الحرب الروسية - الأوكرانية بشكل مؤلم أن الحرب الواسعة النطاق والعالية الحدة ليست شيئا من الماضي. كما أوضحت أن التقديرات الحالية للأسلحة في الغرب غير كافية على الإطلاق، ولا بد من تجديد المخزونات، وجلب القدرة التصنيعية الجديدة إلى الإنترنت في أوروبا الشرقية. وما لم تؤد الحرب إلى الإطاحة بالنظام الروسي الحالي، فإن احتمالات نشوب حروب مستقبلية في أوروبا الشرقية مرتفعة، ومن المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة ضمان فوز أوكرانيا في هذه الحرب، وأن تكون أوكرانيا والجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي مستعدة للحرب التالية، ولا بد أن يكون تعزيز الإمكانات الصناعية الأوكرانية جزءا طبيعيا من هذا الإعداد.
التصنيع الدفاعي
أوكرانيا ليست غريبة على التصنيع الدفاعي، حيث حققت العديد من النجاحات الحالية والسابقة في هذا المجال، وكانت من كبار مصممي ومنتجي الأسلحة العالية التقنية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، والعديد من شركاتها القديمة لديها أنظمة ناجحة تستخدم اليوم في الحرب، من بينها صاروخ نبتون المضاد للسفن، وStugna ATGM، وVilkh MLRS.
ومنذ 2014، انطلق قطاع الدفاع الخاص الأوكراني، وقام بالتعاون مع الشركات المملوكة للدولة بتطوير وتزويد الجبهة بأسلحة جديدة مثل مدافع هاوتزر ذاتية الدفع من طراز بوهدان. وأصبح القطاع الخاص مبتكرا في تطوير الذكاء الاصطناعي، والطائرات بدون طيار، والطائرات البحرية بدون طيار، وأنظمة القتال الروبوتية التي أثبتت دورها المحوري في المعركة.
وأخيرا، أعلنت شركة «أوكروبورونبروم»، شركة إنتاج الأسلحة التابعة للدولة في أوكرانيا، مبادرات لإنتاج طائرات انتحارية بدون طيار بعيدة المدى بكميات كبيرة، وهي تكنولوجيا رئيسية أخرى تستخدم في الصراع الحالي.
ومن 2014، تم تنظيم الصناعة أيضًا ذاتيًا في العديد من جمعيات التصنيع مثل رابطة مصنعي الدفاع الأوكرانيين (AUDM)، والرابطة الوطنية للصناعات الدفاعية الأوكرانية (NAUDI).
لكن على الرغم من رغبة وزير الصناعات الإستراتيجية، أولكسندر كاميشين، في أن تصبح أوكرانيا مركزًا للتصنيع الدفاعي، فإن الإنتاج الضخم لهذه الأسلحة الأوكرانية ليس قويًا بالقدر المطلوب بعد. ولكي تتمكن أوكرانيا من تحقيق صناعة دفاعية مستدامة، فلا بد من الاستثمار المباشر في الشركات الأوكرانية، وبناء مرافق التصنيع المحصنة في غرب البلاد بعيدا عن الجبهة.
طرق لتصبح أوكرانيا مركزا للتصنيع الدفاعي:
الاستثمار المباشر في الشركات الأوكرانية.
بناء مرافق التصنيع المحصنة في غرب البلاد بعيدا عن الجبهة.
تعاون أمريكي وأوروبي.
مبادرات حكومية أخرى تهدف إلى تعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية في أوكرانيا.