كم عدد الذين فعلا يؤمنون بالرؤية ولديهم شغف بها ويسعون لتطبيقها؟

سأجيب عن هذا السؤال لاحقا، لكن لماذا نسأل هذا السؤال تحديدا؟

هل الجميع داخليا سعيد بالرؤية؟ ماذا عن الفاسدين والحرامية ألم تأتِ الرؤية وتقطع دابرهم؟


ماذا عن المتشددين؟

ماذا عن البيروقراطيين الذين كانوا يتلذذون بتعطيل مصالح الناس من أجل أن يأتي الناس لهم، ومن أجل مكانتهم الاجتماعية، ومن أجل الواسطة، ومن قبيل «تعرف فلان؟» أو «تعرف أحد في المكان الفلاني؟»؟! ألم تأتِ الرؤية وأنهت كثيرا من الإجراءات البيروقراطية والتعطيل، ولم يعد يحتاج الناس لهؤلاء!

لكن هناك سؤال أكثر إلحاحًا: هل جميع من يتلحف بالرؤية، ويدعي أنه يضعها شعارًا له، هو فعلا مؤمن بها وبما تقتضيه؟ بالتأكيد تغير تفكير الناس وأساليب أدائهم بالرؤية، ولكن هل فعلا تغير فكر المجموعة السابقة، وهي دون شك قليلة؟ وإلى أي درجة؟ وهل هم يواكبون الرؤية شغفًا أو مجرد مسايرة للظروف؟

قابلت مسؤولا خارج البلد، وربما ظن بما أنه «بره البلد» سيكون خارج نطاق الرؤية، فوجدت تصرفاته وأفعاله وتفكيره كلها معاكسة للرؤية وجوهرها تماما. كل ما تمثله الرؤية من تفوق أو سبق أو إبداع أو ابتكار هو عكسه تماما. وجدته تقليديا ويعشق البيروقراطية والنمطية، ويعطل الإبداع والتجديد، ويرفضه لأنه يخاف منه، ويجمع من حوله العقليات القديمة التي انتهت صلاحيتها. فعلا يذكرنا كثيرا ببعض المسؤولين البيروقراطيين القدماء الذين كانوا قبل الرؤية يحبون البيروقراطية دون إنجاز! بينما هو نفسه عندما كان داخل البلد كان يتملق ويتغنى بالرؤية قولا لا فعلا.

أخشى كثيرا هذه النوعيات من الناس المتقلبة التي تظهر عكس قناعاتها على قلتها، إذ تجده يتكلم في العامة كأنّه عاشق للرؤية، وداخليا الود وده ترجع أيام البيروقراطية والتخلف والتراجع (الله لا يعيدها). قد تؤخّر قناعات هذه الفئة بعض الإنجازات، سواء عن قصد أو عن غيرقصد، فالرؤية في بعض نواحيها تشبه إلى حد ما الماكينة الضخمة حتى لو ترس صغير يتأخر فقد تتأخر العملية بأكملها، بينما هناك بعض الفئات التي غيّرت جلدها بسرعة الضوء بعد الرؤية، ما يستدعي التفكير في قناعتهم الحقيقية.

هناك أذناب الصحوة وفروخ الإخوان، والمتأثرون بهما ممن كانوا ينعتون أي مخالف لهم بأنه ضد الدين والمجتمع، ويرمونه بأقذع الألفاظ، والآن غيروا الوجهة لكن على النمط والتشدد نفسه، فينعتون من يخالفهم بأنه ضد الوطن، ويظهرون في الأزمات الحقيقية كحرب غزة بقضايا مفتعلة وهامشية، وهناك أصحاب المصالح وبعض المسؤولين القدماء ركبوا الموجة، للحفاظ على مراكزهم ومصالحهم.

دعونا نرجع إلى ما قبل 2015.. هل منطقي أن شخصا يتبنى خطا تماما عكس مسار الرؤية وبين يوم وليلة يصير من كبار المعجبين؟! قد يكون!

للعلم أنا ضد المكارثية، وضد الدخول في نيات الناس تماما، ودائما نعامل الناس بما يظهرونه، والنيات لله تعالى، لكن نفضل الحكم على الأفعال. لا يهمني شخص يتغنى بالرؤية ليل نهار وأفعاله وتصرفاته عكس جوهرها!

إجابة عن السؤال في بداية المقال: كم عدد الذين فعلا يؤمنون بالرؤية في الوطن؟ سأقول وبكل صراحة وأريحية، وهذا ما شعرته من الناس عندما أزور المملكة، خصوصا أن الناس إلى حد كبير صريحة بعض الشيء مع الزائر، إن الغالبية العظمى من الشعب السعودي تؤمن بالرؤية، ولديها الشغف الكبير بها، ويعتقدون أنها المسار الصحيح للمستقبل.

الرؤية أتت مثل الفجر الساطع، ومثل الموجة الكبيرة بقيادة عرابها سمو ولي العهد، فهي موجة عظيمة، لتغسل الفساد، وفجر ساطع ليضيء المستقبل للوطن. السعوديون بكل شرائحهم يعشقون محمد بن سلمان، لأنهم يرونه الأمل، بعد الله، في رفعة وتقدم ومستقبل المملكة، ولست أجامل هنا، فأنا لست موظفا حكوميا، وأعيش خارج المملكة.

الرؤية الآن تنجز وتبدع، والناس ترى آثارها بشكل يومي. وربما إذا تم استبعاد بعض المتملقين الذين لا يملكون الشغف الكافي للرؤية، فإن هذا سيعطيها دفعة إضافية وتنشيطية أكثر.