مقابل الشكاوى وحزمة المشكلات والمعوقات التي يطرحها صيادو الساحل الشرقي، تؤكد وزارة البيئة والمياه والزراعة أن الضوابط التي وضعت، جاءت لتحافظ على الثروة السمكية وتضمن استدامتها مراعاة للأجيال المقبلة.

وفي مياه الساحل الشرقي، يصطدم الصياد السعودي بحزمة مشكلات وتعقيدات، يؤكد صيادون أنها تُفسد عليهم إنتاجيتها، ويسهبون في تعدادها، ابتداء مما قالوا إنه الغرامات الكبيرة التي تفرض حال مخالفة التعليمات، مرورا بحظر استخدام شباك صيد بعينها، وعبورا بارتفاع أسعار الوقود، وانتهاء بإلزامهم بأجهزة تتبع لاسلكية قد تحرمهم من ارتياد البحر بحرية.

وكشف صيادون أن هذه المشكلات تتحول إلى عقبات كبيرة تُضيّق عليهم الرزق، وتقلّل من الإنتاج المحلي، وتفسح الطريق للإنتاج المستورد، مطالبين الجهات المعنية بإعادة النظر في أسباب هذه المشكلات، وإيجاد الحلول الناجعة والعاجلة لها.


ورأى صيادون أن بعض الجهات الرسمية المعنية مثل وزارة البيئة والزراعة والمياه (الثروة السمكية)، وحرس الحدود، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية مطالبون بمزيد من التعاون مع الصيادين بما يتيح لهم مزيدًا من الصيد.

ضعف الإرسال

رأى الصياد محمد عيسى كرانات أن ثمة معوقات عدة تلاحق الصيادين، منها جهاز التتبع غير المدروس فنيًا ـ على حد قوله ـ، وقال «يُلزم حرس الحدود كل صياد وقارب يبحر في البحر باستخدام هذا الجهاز، شريطة أن يبقى الجهاز في حال تشغيل، طالما كان الصياد في عرض البحر».

وأضاف «نعاني كصيادين من مشاكل تقنية متعددة في استخدام الجهاز، فقد يتوقف فجأة في بعض مناطق البحر لضعف إرساله، وهذا قد يقود إلى اتهام الصياد بالعبث بالجهاز، إضافة إلى عدم توفر قطع غيار لصيانة الجهاز من قبل الشركة المشغلة، ما يتسبب في منع الصياد من ارتياد البحر وتعطيل صيده حتى الانتهاء من صيانة الجهاز، وهي صيانة قد تستغرق مدة طويلة لعدم توفر فنيين مختصين بصيانته».

شباك ممنوعة

تطرق الصياد حسن زكي آل سعيد إلى مشكلة أخرى، تُفسد على الصيادين عملهم، تتركز في منع «الثروة السمكية» من مزاولة عمل الصيد بأنواع محددة من شباك الصيد، ومنها الشبك المفتول، وقال «هذا الشبك هو الأنسب لصيد سمك الميد والسلك، ومنعه يشكل عائقاً لصيد وتوفير هذه الأنواع من الأسماك التي بدأت هجرة مياه الخليج».

كما تطرق إلى إشكالية أخرى مطالبًا بحلها، وقال «تفرض علينا «الثروة السمكية» و«البيئة» إعادة القراقير، وهي عبارة عن قفص مشبّك على شكل نصف دائرة، مصنوع من أسلاك معدنية مرنة، نستخدمه في الصيد، وتطالبنا «الثروة السمكية» ووزارة البيئة بإعادته وعدم تركه في البحر، علمًا بأن استخدامه خلال فترة الصيد يجعله في حالة بالية بسبب زيادة الملوحة التي تؤثر على أسلاكه».

وتابع «الثروة السمكية تمنح الصياد والقوارب الصغيرة بين 70 إلى 100 من شبك القرقور، وللقاربين 145 من الشباك ذاتها، والانتظار أيامًا حتى الحصول على المحصود السمكي لا يجعل من إخراجها وإعادتها عملية سهلة لأن الشبك يخرج متهالكًا».

انقراض وندرة

يعود الصياد محمد عيسى كرانات للحديث مرة أخرى عن مشكلة مغايرة تصادف الصيادين، وهي مشكلة انقراض سمك الاستاكوزا، أو ما يُعرف باسم «أم الروبيان» رغم كثرته. وقال «تمنع علينا الجهات المعنية صيد الاستاكوزا، وحظر صيده قاد إلى تكاثر هذا النوع من الأسماك بكميات كبيرة في مياه الخليج، ومع هذه الكثرة، لا تجد هذه الأسماك غذاءً كافيًا لها في المياه، ما يدفعها للهجرة بحثاً عن الغذاء، حتى أوشكت على الانقراض في مياهنا».

وأضاف «الأمر نفسه ينطبق على المحار والقواقع المحظور صيدها فتراكمت في القاع الذي صار مقبرة لها بدلًا من استخراجها والاستفادة منها».

غرامة الجرجور

يكمل الصياد أحمد آدم حديث زميله كرانات، ويتطرق إلى مشكلات منع صيد بعض أنواع السمك، وقال «منع صيد سمك القرش (الجرجور) من قبل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وفرض غرامة تصل إلى 80 ألف ريال على أي صياد يخالف، يفسد التوازن البيئي في الحياة البحرية».

وأوضح «نتيجة هذا المنع، تهجر الأسماك موطنها بحثًا عن الغذاء الذي يقّل بشكل كبير، نظرًا لازدياد أعدادها».

وتابع «تشمل المحظورات أيضًا حظر الصيد في المياه القريبة من المنشآت البحرية، على مسافة 3 أميال، وهذا يعرقل عمل الصياد».

بنزين القوارب

في ذات السياق، يقول محمد القصاب رئيس جمعية الصيادين في القطيف «مشكلات الصيادين كثيرة، ومعها كان يفترض أن تكون وزارة البيئة والثروة السمكية هي الجهة الحاضنة والداعمة للصيادين، لكنها مع الأسف فرضت جملة من الالتزامات أسفرت عن التضييق على الصياد»، مدللًا على كلامه بالقول «بينما كان مسموحًا للصياد الحصول على رخصة استخدام 4 قوارب سابقًا، اقتصرت الرخصة على قاربين اثنين فقط، علمًا أن قوارب البنزين أصبحت غير مجدية بسبب ارتفاع أسعار البنزين الذي يكلف الصياد أكثر من 800 ريالًا في اليوم الواحد، وسبق أن طالبنا بالسماح لنا باستخدام قوارب الديزل، لكننا لم نتلق أي استجابة حتى الآن».

أدوات الصيد

يستمر القصاب في شرح معاناة الصيادين، ويقول «تنوع أدوات الصيد مطلب لكل صياد، فلكل نوع من الأسماك أداة خاصة لصيده، وما فرضته الجهات من حظر لبعض تلك الأدوات، بما فيها طريقة الصيد بالغزل، تسبب في ضعف إنتاج السمك».

وأشار إلى أن «الغزل شبك يستخدم لصيد سمك الميد، الذي صار يتكاثر بأعداد كبيرة، ثم يهجر مياهنا، وكان يفترض أن يكون لدينا منه إنتاج وفير، ولكن أصبح المحصول منه قليل حتى صرنا نستورده من الخارج».

وواصل «طالبنا بمعرفة أسباب المنع، فكان الرد أن هذا النوع من الشبك مضر بالبيئة».

واستدرك «هناك طرق لعلاج الأمر من خلال استخدام أنواع خيوط غزلية تخدم البيئة»، ونوّه إلى أن الثروة السمكية ووزارة البيئة سمحا باستخدام طريقة الصيد الشبكي فقط للسعوديين، ولمدة 6 أشهر، وهو ما صعّب الأمر أكثر على الصياد الذي يمتلك عمالة صيد لا يمكنها القيام بعملها مقابل نظام السعودة، علماً أن هذا المجال لا يوجد فيه عمالة سعودية.

غرامات ومخالفات

يستغرب القصاب الغرامات التي تفرض على الصياد، ويقول موجهًا حديثه إلى هيئة النقل «الرخصة التي نحملها هي رخصة صياد حرفي لا صناعي، ولا يمكن أن تتساوى الغرامات بينهما، أو حتى تتقارب، فالصياد الحرفي يسعى من أجل رزقه، ويعمل على قارب صغير، ورغم أن الميناء يتحمل تكلفة مخالفة تصل إلى 10 آلاف ريال، نجد أن الصياد لا يمكنه تحمل مخالفة بقيمة 5 آلاف ريال، ويضاف ذلك غرامات عدم توفر بعض المتطلبات لديه، على سبيل المثال انتهاء صلاحية طفاية الحريق، ولذا نطالب بإعادة النظر في قيمة الغرامات التي يتكبدها الصياد».

الشعب المرجانية

بدوره، يتناول مدرب الغوص علي الدبيسي جانبًا آخر من محظورات الصيد، معلقًا على منع استخدام بعض شباك الصيد، وقال «عَزَتْ الجهات سبب المنع إلى ضرر يلحق بالشعب المرجانية وبيئة البحر، وهناك فارق كبير بين بيئة البحر الأحمر المليئة بالشعب المرجانية، وبيئة الخليج العربي التي تصل نسبة تلك الشُعب فيها إلى 7% بحسب دراسة جامعة البترول والمعادن».

وأضاف «ما يتم منعه في المنطقة الغربية، قد لا يتوافق مع بيئة وظروف البيئة البحرية في الشرقية»، مطالبًا بـ«السماح لحملات تنظيف قاع البحر بين وقت وآخر، من أجل التخلص من الشباك التالفة، ومخلفات البيئة، والمحافظة بذلك على البنية التحتية لمياه الخليج».

24 ساعة

من جانبه، طالب البائع محمد عبدالرحيم بوضع نظام تحديد الأيام التي يسمح فيها ببيع الأنواع المستوردة من الأسماك في سوق السمك المركزي، وقال «يستقبل السوق ويعرض ما يردنا من الدول الأخرى من الأسماك على مدار الـ24 ساعة، ومع ضعف الصيد المحلي يكون مستوى البيع للسمك البلدي أقل بكثير من المستورد الذي اكتسح السوق وبات يباع على نطاق واسع وكبير».

خطوات فعالة

شدد رئيس غرفة أعمال الشرقية بفرع محافظة القطيف عبدالرؤوف المطرود في أعقاب المتلقى الموسع الذي نظمته غرفة الشرقية في القطيف على أنه بعد حزمة الشكاوى والمطالبات التي ناقشها الصيادون في الملتقى ستبدأ الغرفة التجارية باتخاذ خطوات أكثر فاعلية لخدمة هذا القطاع والسعي لإيجاد حلول للتحديات التي يواجهها الصيادون؛ من ذلك مخاطبة الجهات المعنية ذات العلاقة بعد تشكيل مجموعة عمل تضم أعضاء من جمعيات الصيد وذوي الخبرة لحصر المشكلات التي يواجهها قطاع الأسماك.

ووعد المطرود بالسعي إلى بلورة خطة العمل الموضوعة بهدف تطوير القطاع، إضافة إلى عقد لقاء مباشر مع وكيل وزارة البيئة والمياه.

قرار وزاري

بيّن مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة في المنطقة الشرقية المهندس عامر بن علي المطيري أن حظر صيد الاستاكوزا والقرش جاء بموجب قرار وزاري مبني على دراسات وأبحاث سابقة، بعضها عن طريق الأنظمة المشتركة المقرّة في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تم إقرارها في مقر أمانة المجلس وبموافقة جميع الدول، وقال «يوجد لدى الوزارة ومع معهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن مشروع (دراسة تقييم وسائل الصيد المستخدمة في الخليج العربي) ربما يخرج بنتائج في هذا الجانب».

وتابع «تم حضر صيد الاستاكوزا (اللوبستر) في جميع المياه الإقليمية للمملكة، وتم منع صيد خيار البحر وجميع القواقع والأصداف والأسفنج والقنافذ البحرية، ولا يسمح بصيد جميع أنواع أسماك القرش استهدافًا، ويستثنى من ذلك الصيد الجانبي (العرضي) الذي يقع في شباك الصيد عرضيًا».

وأكمل «أما فيما يخص شباك النايلون فقد تم حظر استخدام جميع أنواع شباك النايلون أحادية الخيط ومتعددة الخيوط في المياه الإقليمية السعودية، حيث لا يوجد لها تصنيف معين لصيد نوع دون آخر، فهي محظورة، كذلك يشملها مشروع الدراسة التي أشرنا إليها مع الجامعة».

وواصل «كذلك فقد تم فرض إعادة القراقير حيث أنه يمنع استخدام القراقير (السخاوي) للصيد في البحر إلا بعد أخذ موافقة الوزارة وحسب الأعداد النظامية، ولا يتم تعويض الصياد بعدد جديد إلا بعد استعادة ما لا يقل عن 80% من أعداد القراقير المستهلكة».

وعن نظام مخالفات الزراعة، قال «روعي فيه مصلحة الصياد من أجل المحافظة على الثروة السمكية للمملكة واستدامتها للأجيال المقبلة».

شكاوى الصيادين

ـ الغرامات الكبيرة التي تفرض حال مخالفة التعليمات

ـ حظر استخدام شباك صيد بعينها

ـ ارتفاع أسعار الوقود

ـ إلزامهم بأجهزة تتبع لاسلكية قد تحرمهم من ارتياد البحر بحرية

ـ أعطال أجهزة اللاسلكي وتأخر صيانتها

ـ إلزام الصيادين بإعادة القراقير وعدم تركها بالبحر

ـ انقراض سمك الاستاكوزا أو ما يُعرف باسم «أم الروبيان»

ـ هجرة الأسماك بحثا عن غذاء كافي

ـ تراكم المحار والقواقع المحظور صيدها في قاع الخليج

ـ تقليص رخصة استخدام 4 قوارب لتقتصر على قاربين اثنين فقط

ـ منع استخدام قوارب الديزل

ـ حظر بعض أدوات الصيد

ـ عدم مراعاة أن الخليج العربي لا يحتوي على شعب مرجانية مثل البحر الأحمر

ـ عدم تحديد أيام خاصة لبيع السمك المستورد وعدم مزاحمته للسمك المحلي

نتائج تترتب على الشكاوى (حسب رأي الصيادين)

ـ تضيّيق الإنتاج المحلي

ـ إفساح الطريق للإنتاج المستورد

ـ حرمان الصياد من استخدام العمالة