خيب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مجددا طلبات الدول بالوقف الفوري للقتال وإطلاق النار لحماية المدنيين في غزة، حيث تبنى المجلس قرارا مخففا يدعو إلى الإسراع الفوري في تسليم المساعدات للمدنيين الجائعين واليائسين في غزة ولكن دون النداء الأصلي بـ«الوقف العاجل للأعمال العدائية» بين إسرائيل وحماس.

وجاء التصويت الذي تأخر طويلا في المجلس المؤلف من 15 عضوا بأغلبية 13 صوتا مقابل صفر وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت. وتجنب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت باستخدام حق النقض للمرة الثالثة ضد قرار بشأن غزة.

ليس كافيا


وعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن القرار الذي اعتمده مجلس الأمن جاء متأخرًا ودعا خلاله إلى هدنة وممرات إنسانية ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة، وأنه ما زال بعيدًا عن المطلوب تحقيقه وهو وقف إطلاق نار كامل في القطاع.

وقال في بيان: «إن القرار هو محاولة لمنع مجاعة في القطاع، وإنقاذ البشر خاصة النساء والأطفال، من وضع كارثي، إلا أنه ليس كافيًا لوقف آلة الاعتداء الإسرائيلية، خاصة أنه لا يتضمن وقفًا لإطلاق النار».

وأشار إلى أن القرار جاء بعد مماطلة وتسويف نزولًا على رغبة إسرائيل، مشددًا على أن المطلوب ليس فقط إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع وإنما بالأساس حماية المدنيين من القصف المُستمر، وتحقيق وقف مُستدام لإطلاق النار، والبدء مباشرة في عملية إغاثية كبرى تشمل مئات الآلاف الذين صاروا يفتقدون للحد الأدنى من المقومات الضرورية للحياة.

إجراءات جزئية

وأوضح أبو الغيط أن كل خطوة لتخفيف معاناة المدنيين في غزة هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن معالجة الكارثة الإنسانية لا تكون بإجراءات جزئية، أو مسكنات لامتصاص غضب الرأي العام العالمي على ما يجري في غزة، مشددًا على أن رفض الوقف الفوري لإطلاق النار هو رخصة للقتل، وأن المساعي العربية لن تتوقف من أجل الوصول إلى إنهاء الحرب.

وطالب الأمين العام للجامعة العربية الولايات المتحدة بأن تُعيد قراءة الموقف وتتخذ القرار الصحيح من الناحيتين الإنسانية والسياسية بدلًا من الانسياق وراء رغبة اليمين الإسرائيلي المتطرف في إنزال عقاب جماعي وانتقام شامل من 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة.

السلوك المخزي

وجاء التصويت مباشرة بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد تعديل روسي كان من شأنه إعادة الدعوة إلى وقف الأعمال العدائية على الفور. وجاء التصويت بأغلبية 10 دول مؤيدة، مقابل معارضة الولايات المتحدة وامتناع أربع دول عن التصويت.

ووصف سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا القرار بأنه «بلا تأثير على الإطلاق» واتهم الولايات المتحدة بـ«السلوك المخزي والساخر وغير المسؤول» واللجوء إلى تكتيكات «الضغط الصارخ والابتزاز ولي الأسلحة».

وقال إن القرار «سيمنح القوات المسلحة الإسرائيلية حرية الحركة الكاملة لتطهير قطاع غزة». وقال إن روسيا كانت ستستخدم حق النقض (الفيتو) لولا دعم عدد من الدول العربية له.

وهكذا تم تجريد القرار من بنده الرئيسي بشكل صارخ، وهو الدعوة إلى «الوقف العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية».

75 يوما

وقال السفير رياض منصور، المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إن مجلس الأمن استغرق 75 يوما «لينطق أخيرا عبارة وقف الأعمال العدائية»، مؤكدا أن الفلسطينيين والدول العربية يؤيدون التعديل الروسي.

وقال منصور إن «هذا القرار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح» لما يتضمنه من بنود إنسانية مهمة. «يجب أن يتم تنفيذه ويجب أن يكون مصحوبًا بضغوط هائلة من أجل وقف فوري لإطلاق النار».

المساعدات الإنسانية

وألغى القرار طلبًا سابقًا للأمم المتحدة «بمراقبة حصرية لجميع شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة المقدمة عبر الطرق البرية والبحرية والجوية» من قبل أطراف خارجية للتأكد من طبيعتها الإنسانية.

واستبدلت طلبًا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتعيين منسق لمراقبة شحنات الإغاثة إلى غزة التي لا تأتي من طرفي الصراع – إسرائيل وحماس – للتحقق من أنها سلع إنسانية. ويطلب من المنسق إنشاء «آلية» لتسريع تسليم المساعدات ويطالب إسرائيل وحماس بالتعاون مع المنسق.

وقال ميلر إن «المساعدات الإنسانية تتدفق إلى غزة كل يوم» وإن إسرائيل مستعدة لزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع، والعائق الوحيد هو «قدرة الأمم المتحدة على قبولها». وشدد على أن «أي تعزيز لمراقبة المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة لا يمكن أن يتم على حساب التفتيشات الأمنية التي تجريها إسرائيل».

ورد غوتيريش في مؤتمر صحفي بأنه من الخطأ قياس فعالية العملية الإنسانية في غزة بعدد الشاحنات.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «المشكلة الحقيقية هي أن الطريقة التي تدير بها إسرائيل هذا الهجوم تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة».



وفقا لتقرير صدر عن 23 وكالة تابعة للأمم المتحدة ووكالات إنسانية فإن:

سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يعانون من أزمة غذائية أو أسوأ

كما أن 576.600 شخص في مستوى مجاعة «كارثي»

ومع انقطاع الإمدادات عن غزة باستثناء القليل،%90 من السكان يعيشون بانتظام دون طعام لمدة يوم كامل

وقال جوتيريش إن 4 من كل 5 من الأشخاص الأكثر جوعًا في العالم هم في غزة وقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب.

قرار مجلس الأمن:

إن قرارات مجلس الأمن مهمة لأنها ملزمة قانونًا

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن في 18 أكتوبر لإدانة جميع أعمال العنف ضد المدنيين في الحرب بين إسرائيل وحماس في الثامن من ديسمبر

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار ثانٍ للمجلس، أيده جميع أعضاء المجلس الآخرين تقريبًا وعشرات الدول الأخرى، يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية .