لم يعرف أحد الأبوين أنهما ينتظران ولادة توأم! بينما الأم تحمل في أحشائها طفلين، أحدهما ولد في السيارة والآخر في المستشفى، الذي ولد في السيارة أخذه الفريق الطبي وتم تنويمه ولكن عند الخروج لم يؤمن والده بأن هذا طفله، وإلا من يكون الطفل الذي خرج معهما قبل أيام! لم يدرك أنه رُزق بتوأم أحدهما ولد في السيارة بصمت، دون أن يبكي وتولى الطاقم الطبي العناية به، والآخر ولد بين يديه، في غرفة الولادة وبقي برفقتهما وخرج معهما!
لا أعرف إن كانت الأم لا تدرك أيضًا ولكن سمعت أنها شخصية غير متزنة، كل الشواهد تقول إنه طفلهما، ولكن لا رغبة في الاعتراف به، فبقي حبيس المستشفى، ليس بطفل مشوه ولا معاق، بل طفل جميل ومعافى، حتى اسمه منحنه إياه الممرضات. معظم الأطفال من معلومي النسب، غير المرغوب بهم يبقون في المستشفيات، يهتم بهم الطاقم الطبي، يشترون لهم الملابس والألعاب، ويحتفلون معهم بالأعياد والمناسبات، وبالرغم من هذا تظل طفولتهم غير سوية، الطفل يحتاج أشخاصًا ينتمي لهم وينتمون إليه، عائلة واحدة تحتويه، وجوه تألفه ويألفها لا تتغير بتغير الدوام وجدول المناوبات.
من حقوق الطفل على والديه، إعطاؤه حق الحياة، الاعتراف به، منحه اسمًا طيبًا، تغذيته، تعليمه وتوفير حياة كريمة له. إنجاب الأطفال مسؤولية، ليست مجرد رغبة في التكاثر، الأمر لا يرضخ لفكرة الحرية أبدًا، من أنجب طفلاً عليه أن يتكفل به وإلا لماذا أنجبه!؟. الجندر لا يحدد من هو أحق بالرعاية، فالأنثى تستحق العناية كالذكر، والمعاق كالسليم، والأقل جمالًا كالجميل منهم، حتى الطفل الذي ارتبط تاريخ ميلاده بذكرى سيئة كوفاة شخص عزيز أو بخسارة مالية، لم يكن وجه نحس، أو فال سوء بل هو الحسنة التي تدرأ السيئة.
المواليد من مجهولي الهوية، الذين يُتركون في الطرقات وعلى عتبات المنازل والمساجد، تستقبلهم الدور الاجتماعية وتتكفل بهم وتوفر لهم محيطًا أسريًا مناسبًا وحياة كريمة. كذلك الأيتام الذين لا يجدون من يعولهم، وجميعهم أوفر حظًا من الأطفال معلومي الهوية والنسب، المنبوذون من ذويهم، يُتركون في المستشفيات في بيئة غير صحية لطفل ينمو ويكبر، وحتى تنتهي قضيته في المحاكم تظل طفولته حبيسة غرفة وسرير، سلوته الوحيدة التحديق في وجوه الزائرين وسماع أجراس الأجهزة الطبية التي أعتاد أن ينام عليها كترنيمة الأمهات تمامًا. أقترح أن يُلزم كل من لا يرغب في الاعتراف بطفله الشرعي بكتابة تنازل عنه لتتمكن الدور الاجتماعية من احتضانه والعناية به، وإتاحة فرصة رعايته بواسطة أسرة بديلة تستحقه.