لا تعرف من أي زمان يهبط صوته على قلبك، كالعصفور أو كالسحر القديم.
صوت يعتّقه الدهر، فلا يفسد أو يبلى أبدا.
معه يكتمل الليل تماما، لترحل بعيدا في سماوات حسّه المرهف، بعيدا عن صخب الحياة المتشابك في رأسك، إلى حيث تستطيع أن تتكئ على خد القمر، قبالة من تهوى، وما تحب، وتتذكر.
لا أحد يعرف متى بدأ بالضبط، ومن أين بدأ.. ولكن في ظني أنه انطلق من كل أعماله. لقد طرق المبدع الفذ، كل أبواب، ونوافذ، مشاعر الإنسان وآلامه وقضاياه، خلال تجربة صعبة، ملهمة، وغنية جدا امتدت لعقود..
من غير الممكن لهذا الفنان بالذات تحديد أول لحظة أسر فيها أول قاعدة لعشاقه، فهي لحظة بطول قامته التي تتجاوز أكثر من جيل، وأكثر من مرحلة، وأكثر من ثقافة.
بل إن الكثير من أعماله لا توحي على الأغلب بوقتٍ أو تاريخٍ يمكن تخمينه. فالصوت هو نفسه، لا يزيده العمر إلا رعشة "لستُ أدري ما أسمّيها"..
ظل هذا الرجل طوال حياته، ذلك المصنع المتنقل للموسيقى عالية الجودة والمزاج. يكتب الشعر ويصنع الألحان ويصدح بصوته القادم من ملايين السنين، ليتمايل التاريخ معه وتذوب الجغرافيا.
كرس طاقته الإبداعية لصنع أغنية حديثة في الجزيرة العربية، بأدوات لا تخرج عن إطار هويته العريقة وتراثه الحضرمي الثريّ.. فكان النجاح أسطوريا، بعد أن شبع حقيقة وتأكيدا.
وفي القدرة على الغناء، والوقوف أمام الجماهير على خشبة المسرح، لا أحد يفعل بالمسرح كما يفعل، أو على الفتنة المطلقة في "السلطنة" المطلقة التي ينفرد بها، ولم يربكه يوما صخب جمهور أو خلل فني، ولم يخرج مرة ليغني أمام الناس وهو منزعج، أو هكذا يشعر من يشاهده على الأقل.
وحين أجريت له مطلع الشهر عملية "قلب مفتوح"، اشتعل في النفس سؤال خائف عن قلب رقيق، ومفتوح للعالم كله، ثم يحتاج إلى عملية "قلب مفتوح"؟
أصدق الدعوات لهذا الرمز بالصحة والمعافاة.