وجاء إدراج طبق الهريس «الدراية والمهارات والممارسات»، وكذلك الفنون والمهارات والممارسات المرتبطة بحرفة النقش على المعادن «الذهب والفضة والنحاس»، ليرفع عدد العناصر السعودية في القائمة إلى 13 عنصرا.
والهريس أو الهريسة، كما يسمى في مكة المكرمة مثلا، طبق يتكون من القمح المغلي المهروس أو المطحون المخلوط باللحم، ويكون قوامه متماسكا وغليظا، وهو ينتشر في الخليج العربي، ويُحضر غالبا في شهر رمضان والأعياد والمناسبات السعيدة، ويعد من الوجبات الدسمة التي تُشعرك بالشبع، لغناها بالألياف والبروتينات.
ويلاقي طبق الهريس الشعبي السعودي إقبالا كبيرا، لمكوناته الغذائية المختلفة، ويختلف إعداده بين منطقة وأخرى في المملكة. كما تختلف مكوناته وطريقة طهيه.
هريس في المدينة المنورة
مع تأكيد اختلاف الهريس من منطقة إلى أخرى، تقول الشيف من الأسر المنتجة فايقة الحربي: «طبق الهريس من الأطباق المحبوبة لدى أهل الحجاز. وفي منطقة المدينة المنورة نحافظ على هذا الطبق الشعبي، ونعده في أوقات الشتاء، لما يتميز به من عناصر غذائية غنية مثل الفيتامينات والبروتين والمعادن».
وعن طريقة أهل المدينة المنورة في إعداد الهريس، توضح: «يُغسل حب القمح أو حب الهريس كما يعرف عدة مرات، ثم ينقع بالماء 6 ساعات، حتى نضمن أن حب الهريس أصبح متفتحا، وبعد ذلك يوضع في قدر طبخ عميق حب الهريس واللحم، ويغمر بالماء، ويبقى على نار قوية ساعة تقريبا حتى ينضج اللحم، ثم تخفف النار ويغطي القدر، ونترك الهريس يطهى على النار عدة ساعات إلى أن تتفتح حبات حب الهريس، وتخرج كل النشويات الموجودة في القمح، وينضج اللحم ويتحول إلى قطع صغيرة أو ألياف متفرقة. وباستعمال ملعقة خشبية كبيرة، نقلب الهريس مع اللحم، حتى يختلط مع اللحم، مع محاولة هرس حبات الهريس جيدا، كي تختلط المواد، ويصبح حب الهريس واللحم خليطا ناعما ومتجانسا».
وتضيف فايقة: «يمكن استخدام وعاء خلاط مع مضرب في تقليب الهريس واللحم، وبعد التأكد من نضوجهما يُقدمان في طبق عميق، ونضع وسط الهريس السمن البري المذاب».
هريس أهل مكة المكرمة
أما في مكة المكرمة، فإن إعداد الهريس يبدو مختلفا قليلا، حيث أكد الشيف عبدالقادر رحيم أن «طبق الهريس لدى أهل مكة المكرمة يؤكل إما مالحا أو حلوا، ويأكل بالشريك أو أي نوع من أنواع الخبز، ويضاف إليه السمن البري أو السكر، لكنه لا يختلف في صناعته عن المدينة المنورة إلا في تزيين الطبق بعد النضوج، حيث يقدم مع السمن البري أو العسل، وتضاف إليه القرفة عند تقديمه، لإعطائه نكهة لذيذة».
وبيّن: «نحتاج إلى كمية متساوية من حب القمح واللحم، وبعد أن نغسل القمح، وننقعه في الماء نصف الساعة، نغسل اللجم الذي يفضل أن يكون من سلسلة ظهر الخروف، وينقع في الماء للتخلص من الشوائب، وهذا يساعد في إعطائنا هريسا بلون أبيض فاتح. كما لا بد من التخلص من جميع الشحوم الموجودة باللحم».
وتابع الشيف عبدالقادر: «توضع المكونات في القدر، ونضع عليها ماء مغليا، وننتشل «الريم» أو الزبد الذي يطفو عند طهو اللحم ونزيله، ثم نضيف البهارات التي تشتمل عادة على القرفة والهيل والقرنفل، وننتظر حتى ينضج اللحم والهريس، ويتم إخراج اللحم، وفصله عن العظم، وإعادته من جديد مع حب الهريس. ولأن طبخه يستغرق 6 ساعات، تتم زيادة كمية المياه حتى ينضج، ويُغطى القدر حتى يكتم البخار، ويساعد في نضوج الهريس، ويتم هرس اللحم وحب القمح بملعقة خشب مع إضافة الملح، ويضاف السكر والسمن البري عند التقديم».
الهريس في الشرقية
أكدت فاطمة عبدالقادر، من الأسر المنتجة في المنطقة الشرقية، أن طبق الهريس يعد من الأطباق الشعبية في المنطقة، حيث يحرص أهلها على تناوله في المناسبات، وتحديدا في عيدي الفطر والأضحى.
وقالت: «يتميز طبق الهريس الشرقاوي عن غيره من المناطق، وذلك يعود إلى حب الهريس المستخدم».
وعن طريقة إعداده في المنطقة الشرقية، أوضحت: «الهريس هو الطبق المفضل والحاضر على سفرة أهل الشرقية دائما، ويتكون من حبوب الهريس واللحم المطهو على نار هادئة لمدة قد تصل إلى 6 ساعات».
وتابعت: «ينقع الهريس فى الماء ساعتين، ثم يغسل، ونضع قدر الهريس على النار، ونضع به الماء والهيل واللحم، ويترك حتى يغلي، مع مراعاة إزالة الزبد الذي يطفو فوق اللحم كلما ظهر. وبعد أن يغلى اللحم، نضع حبات الهريس، ثم يغلق القدر، ويلف الغطاء بورق الألومنيوم، ونضع ثقلا فوقه، ويترك على نار هادئة 3 ساعات حتى تمام النضج، مع مراعاة تقليبه من وقت إلى آخر، ويرفع الثقل والغطاء وورق الألومنيوم، ثم يزال عظم اللحم إن كانت اللحمة المستخدمة بالعظم، ثم يرفع القدر، ونحتفظ بالقليل من مرق اللحم. وباستخدام «المسواط»، نضرب الهريس حتى تتداخل المكونات تماما، ثم نعيد الغطاء وورق الألومنيوم والثقل مرة أخرى، ويترك الهريس على النار الهادئة ما بين 3 - 4 ساعات أخرى، مع مراعاة تقليبه كل ساعة حتى لا يحترق، ويمكن أن يضاف إليه المرق إن احتاج. وبعد أن يُطهى، يرفع الثقل والغطاء، ويوضع الهريس في طبق التقديم، ويزين بالسمن، وأحيانا بقليل من القرفة البودرة أو اللومي المطحون، وهو الليمون الناشف».
الهريس الإماراتي
يختلف الهريس الإماراتي في المكونات عن الهريس السعودي، حيث يضاف إليه البصل وزيت الزيتون والكمون، ويزيّن بالليمون الأسود والبصل المحمر.
ويحضّر الهريس الإماراتي بوضع البصل المقطع تقطيعا خشنا في قدر مع نصف فنجان من زيت الزيتون، ويقلب حتى يتحمّر البصل، ثم يوضع اللحم الأحمر المقطّع، ويقلب مع البصل وزيت الزيتون جيداً، ثمّ يرش عليه الكمون مع التقليب والتحريك، ثم يوضع القمح المجروش (الهريس) المنقوع ساعتين مسبقا على الأقل، ومصفى من الماء، ويحرك ونضيف 4 لترات من الماء الذي يفضل أن يكون ساخنا.
ولا بد أن تكون كمية الماء كبيرة، لأن طبخه يستغرق 4 ساعات. كما يمكن إضافة الماء في حال كان الخليط جافا خلال عملية الطبخ.
يترك الخليط حتى يغلي، ثم يغطى بالقصدير، ويوضع غطاء القدر فوق القصدير، ثمّ يتم التأكد من إغلاق القدر بإحكام، ويترك الخليط 4 ساعات على نار هادئة بشرط عدم فتح الغطاء عن القدر خلال الساعتين ونصف الساعة الأولى من فترة الطبخ.
ويرفع غطاء القدر بعد مرور ساعتين ونصف الساعة من وقت الطبخ، ويضاف الملح حسب الرغبة، ويهرس الخليط بواسطة مضرب الكيك، ثمّ يخرج اللحم قبل الهرس لمحبي اللحم دون الهرس، ثم نضاف اللحم إلى القدر بعد هرس المكونات الأخرى.
ويوضع الغطاء على القدر مرة أخرى بعد عملية الهرس، ثمّ يترك ليطبخ لما يقارب الساعة ونصف الساعة. وبعد انتهاء الـ4 ساعات، يوضع الهريس في طبق التقديم، ويزين بالليمون الأسود المطحون، بالإضافة إلى السمن العربي وشرائح البصل المحمرة.
الهريس العماني
يختلف الهريس العماني عن غيره، حيث يتم إعداده باللحم أو الدجاج.
ولتحضير صلصة الهريس، تشوّح البندورة داخل مقلاة مع إضافة القليل من الزيت النباتي، وتهرس بشكل جيد، ويضاف على البندورة الثوم المطحون مع التقليب المستمر، ويُغلى ماء على درجة حرارة عالية، ويضاف على الخليط. كما يضاف السكر والملح والحمص، وتترك الصلصة على النار 10 دقائق، وهكذا تصبح جاهزة للتقديم.
ويغلى اللحم بشكلٍ جيد في الماء على درجة حرارة متوسطة، ويضاف إليه الزنجبيل المطحون والثوم. وبعد مرور بعض الوقت، تسكب حبوب الهريس، ويستمر التحريك بحركة دائرية منتظمة، وتضاف حبوب الهيل على الخليط، ويترك 3 دقائق، ويتم هرس الخليط بشكلٍ جيد، حتى تتداخل اللحمة بالهريس، ويتشكل مزيج متماسك، يتم تقديمه مع صلصة الهريس.
ويمكن أن يعد الهريس بالدجاج والشوفان العماني، حيث يوضع الماء في وعاء عميق، ويغلى إلى درجة حرارة عالية، ثم يضاف إليه الدجاج وورق الغار والهيل والقرفة والثوم والشوفان، وتقلّب كل المكونات بشكلٍ جيد، ويغطي الوعاء، ويترك على درجة حرارة منخفضة ساعة على الأقل، حتى يستوي الدجاج بشكلٍ كامل، ويذوب الشوفان، وتستخدم ملعقة خشبية عريضة في تحريك الدجاج نصف ساعة، حتى تندمج كل المكونات مع بعضها بعضا، ويصبح الخليط مهروسا وناعما، ويضاف إليه الملح والفلفل الأسود، ويترك لبعض الوقت ثم يرفع عن النار، ويسكب في طبق التقديم، وتوضع على وجهه السمنة.
قيمة غذائية
أوضح استشاري التغذية أحمد فادي: «حب الهريس هو نوع من حبوب القمح، وهو مصدر غني بعدد من العناصر الغذائية المهمة، ويتميز بحبيباته الصغيرة وقوامه الجيد، ما يجعله مكونا رئيسا بين الأطعمة».
وأضاف: «تحتوي حبوب الهريس على عدد من المغذيات الحيوية مثل البروتينات والألياف والفيتامينات والمعادن، وهي مصدر للبروتينات، وتعد عنصرا غذائيا أساسيا، إذ تلعب دورا حاسما في بنية الجسم ووظائفه. كما تحتوي على البروتينات التي تساعد في بناء العضلات والأنسجة، وتعزيز الشعور بالشبع، وصحة الشعر والجلد، وتساعد في تحسين وظائف الجهاز الهضمي، لأنها تحتوي على الألياف التي تحسن عملية الهضم والحركة المنتظمة للأمعاء».