وبينت الأمانة أنها تتولى بنفسها الإشراف على تلك الحاويات وذلك من خلال عقد استثماري أبرمته مع شركة متخصصة تتولى جمع الملابس المستعملة والمرمية في تلك الحاويات لإعادة فرزها وتدويرها.
وشددت الأمانة على أنه لا يجوز استخدام تلك الحاويات لغير الغرض المخصصة له، مشيرة إلى أن المستثمر ملزم بإجراءات الأمن والسلامة في جميع المواقع، كما أن جميع الحاويات مطابقة للاشتراطات الصحية والبيئية، وفي حال رصد أي حاويات مخالفة يتم إبعادها وإزالتها على الفور.
مؤسسة ربحية
أوضح موظف في الشركة الاستثمارية المتعاقدة مع الأمانة أن «مشروع حاويات الملابس مشروع ربحي وليس خيريا، حيث تتولى الشركة جمع الملابس المستخدمة التي يتم وضعها في الحاويات التي توفرها الأمانة، ومن ثم تتم إعادة تدويرها وتغليفها ونقلها إلى جهات أخرى خارج السعودية ولا يتم تسليمها إلى الجمعيات الخيرية»، وعن آلية التصرف بتلك الملابس، قال «تتولى الشركة تصديرها وبيعها في الخارج».
وبيّن «الشركة تعاقدت على أساس سنوي مع أمانة جدة التي تؤجرها تلك الحاويات التي توضع فيها الملابس المستعملة، وتتولى الشركة فرز تلك الملابس، تدور ما يصلح، ترسل الصالح منها إلى الخارج، ولا تسلم تلك الملابس إلى الجمعيات الخيرية، بحيث تضمن ألا تعود من جديد إلى داخل المملكة، ففي السابق كانت الملابس المستعملة تجمع وتسلم إلى بعض الجهات لكنها كانت تعود من جديد لتباع في سوق سوداء، ولهذا وجد هذا المشروع، وهو ربحي، بحيث تخرج هذه الملابس أو ما يصلح منها بعد الفرز وإعادة التدوير خارج السعودية، ولا تعود للسوق كما كان يحدث».
أسئلة بلا إجابات
قبيل الحصول على إجابة الأمانة حول تلك الحاويات وعائدية الإشراف عليها، ومصير ما يجمع فيها من ملابس، رصدت «الوطن» ميدانيا أماكن انتشار الحاويات، وسألت القريبين منها عن فكرتهم عنها، وقال عبدالمجيد العتيبي أحد ساكني حي الصفا: إن «وجود هذه الحاويات لجمع الملابس مريحة لكن لا نعرف من المسؤول عنها، وهل تصل الملابس التي يتم التبرع بها عن طريق الحاويات إلى المستحقين أو غير ذلك»، مشيرا إلى أن «انتشار الحاويات بهذه الطريقة تثير الشكوك حولها، وتجعل كثيرين يجهلون لمن تعود؟، وما هي مرجعية القائمين عليها؟».
وأكد أن «وجود هذه الحاويات يحتاج إلى إعادة نظر لتوضيح ما إن كانت ربحية أو خيرية، وتوضيح آلية تفريغ هذه الحاويات وكيف يتم الاستفادة من الملابس التي تجمع من خلالها ومن المسؤول عنها؟».
تنظيم بلا تعريف
من جهته، أوضح عبدالعزيز أحمد وهو أحد قاطني حي الرحاب، أن انتشار حاويات الملابس يعد أمرا منظما ومطلوبا، لكن لا بد للجهة المسؤولة عن تلك الحاويات من أن تعرّف السكان ما إن كانت تلك الحاويات ربحية أو غير ربحية، فوضعها بهذه الطريقة جعلها بلا هوية ولا مرجع بالنسبة لنا».
وبيّن أن «جمع الملابس المستعملة ضمن حاويات يعد مظهرا حضاريا أيضا يحافظ على نظافة الشوارع من رمي تلك الملابس عند حاويات النفايات، في الوقت الذي يوجد من يستفيد منها خاصة أن كثيرًا من الأسر تستغني عن ملابس قد تكون جيدة وقابلة للاستخدام، ووضعها في تلك الحاويات مفيد، لكن لا بد من معرفة المسؤول عنها وكيفية الاستفادة منها وكيف تصل إلى المستفيدين».
تداخل في المفهوم
تشير إجابات من التقتهم «الوطن» من ساكني بعض أحياء جدة إلى التباس لديهم في فهم عائدية ودور تلك الحاويات، ففي حين يظن كثيرون منهم واستنادا إلى تجارب سابقة كانت تعمل بها بعض الجمعيات الخيرية أن هذه الحاويات مخصصة لجمع ملابس يتم التبرع بها للجمعيات الخيرية، بدا من إجابة موظف الشركة أنها مخصصة لجمع الملابس التي يتخلص منها السكان، وذلك بهدف ربحي، حيث تتولى إضافة إلى جمع الملابس التي توضع في الحاويات توجيه سيارات إلى منازل أو محلات بعض المتصلين بها لاستلام الملابس حين تكون كمياتها كبيرة بعض الشيء، لا يخلو الهدف بالنسبة للجهات الرسمية كذلك من أهمية بيئية حيث يكون التخلص من الملابس أحيانا عبئا حين توضع مع القمامة.
وتُجمع الإجابات التي حصلت عليها «الوطن» على أهمية أن يتم توضيح دور الحاويات وعائديتها وهذا يتطلب حسب اقتراحات بعضهم أن توضع عليها ملصقات تشرح دورها والغاية من توزيعها ونشرها في الأحياء.
تجارب ومنصات
ذهب كثيرون إلى المقارنة بين حاويات الملابس في جدة وتجارب عدد من الجمعيات الخيرية والمنصات التي تتيح فرصة التبرع بالملابس المستخدمة والأغراض الأخرى للاستفادة منها وإعادة تدويرها وإيصالها للمستحقين منها، ورأوا أن تجارب الجمعيات والمنصات كانت أكثر تنظيما ووضوحا من حيث موعد استلام الملابس وآلية فرزها وإعادة تدويرها وإيصالها للمستحقين وطرق التبرع من حيث توفير المواقع الإلكترونية أو الاتصال المباشر وحضور الجهة لموقع المتبرع، واستلام الملابس الفائضة، وإعادة تدويرها وتسليمها للمستفيدين، ومن تلك التجارب:
منصة كساء
منصة سعودية في مجال (إعادة التدوير) للاستفادة من فائض الملابس المستعملة والورق والكرتون والبلاستيك وغيرها، وتعمل وفق أسس ومعايير عالية تهدف إلى خدمة المجتمع للتخلص من الفائض عن الحاجة بطرق حديثة وآمنة من المنازل بكل سهولة، ورفع مستوى الوعي بين المجتمع والحفاظ على البيئة والمظهر العام، والحد من التشوه البصري ودعم الجمعيات من خلال إعادة تدوير الملابس التالفة والورق ودعم الأسر المنتجة وتوزيع ملبوسات جديدة للمحتاجين المعتمدين لدى الجمعيات وتوصيلها إلى منازلهم.
إعادة تدوير
هناك مشروع خيرك وهو مشروع لجمع الملابس المستعملة من 5 مدن سعودية وتوزيعها لمستحقيها بأفضل صورة، ووفر المشروع 5000 كسوة، وبلغ عدد المتبرعين 16000 والملابس المتبرع بها 200 طن، ويركز المشروع على إعادة تدوير الملابس المستعملة وفرزها وتنظيفها وإعادة تهيئتها لتكون قابلة للاستخدام مرة أخرى ويستفيد من ريعها الفقراء والمحتاجون، وهو مشروع معتمد من الجمعيات الخيرية بالمملكة.
ويعمل المشروع عبر استقبال طلبات التبرع عبر الموقع الإلكتروني، ويتم التواصل مع المتبرع لتأكيد موعد الاستلام ويتم الوصول للموقع واستلام الملابس، ومن ثم العمل على فرزها وإعادة تدويرها، وتسليم الملابس للمستفيدين من الجمعيات الخيرية.
مشروع عون
مشروع خيري لجمع الملابس المستعملة بأسهل الطرق وإعادة تدويرها وتوزيعها للمستحقين بأفضل حالة، وهو جهة مفوضة رسميا لاستلام تبرعات الملابس من قبل الجمعيات الخيرية بما يسهل عملية التبرع على الأفراد من خلال استلام الملابس من منازلهم وتوزيعها لمستحقيها بأفضل حالة.
ويعمل المشروع على الحفاظ على البيئة من خلال تطبيق «مسؤولياتنا» بإعادة التدوير وإعادة الاستخدام.
تنظيم واضح
أوضح الاستشاري الاجتماعي صالح فهد أن «وجود تنظيم واضح لعمليات التبرع بالملابس للمستفيدين يعطي ثقة أكثر للمتبرع، ويضمن أن ما يتبرع به من ملابس يصل إلى المحتاجين». وتابع «لا بد من إيضاح آلية التبرع من قبل الجهة التي تساهم في قبول الملابس المستخدمة، حيث يفترض أن توضح للمتبرعين كيفية التبرع والآلية التي يتم بها التعامل مع الملابس وإعادة التدوير من حيث غسلها وتنظيفها وتغليفها ومن ثم إيصالها للمستفيدين».
وبين أن «وجود حاويات ملابس في شوارع الأحياء فكرة حديثة وتنظيم مقبول، لكن في المقابل يجهل كثيرون من المسؤول عنها ولا يعلمون مصير الملابس التي تجمع فيها، وكيف يتم التعامل مع الملابس المتبرع بها».
حاويات الملابس
ـ حاويات تنتشر في أحياء جدة لجمع الملابس التي لا يحتاجها أصحابها
ـ تتولى شركة تعاقدت معها الأمانة جمع تلك الملابس وفرزها وإعادة تدويرها
ـ يتم استخدام ما يصلح للاستخدام من تلك الملابس بتصديره للخارج حتى لا يعود للسوق المحلية