وأدت التوترات الجيوسياسية، فضلاً عن الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى زيادة الطلب العالمي على الأسلحة والمعدات العسكرية، يقابله انخفاض في الإيرادات كان "غير متوقع"، وفق الباحث في سيبري دييغو لوبيز دا سيلفا. وقال لوبيز دا سيلفا "ما يظهره في الواقع هذا الانخفاض هو أن هناك فجوة زمنية بين صدمة زيادة الطلب مثل تلك الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وقدرة الشركات على زيادة إنتاجها لتلبية هذا الطلب".
سلسلة التوريد
ووفقاً لمعهد الأبحاث فإن هذا الوضع يرجع، في جزء كبير منه، إلى انخفاض إيرادات شركات تصنيع الأسلحة الكبرى في الولايات المتحدة، إذ واجهت "مشكلات في سلسلة التوريد ونقص العمالة". وسجلت الولايات المتحدة وحدها انخفاضاً بنسبة 7,9% في مبيعات الأسلحة عام 2022، لكنها رغم ذلك تمثل 51% من عائدات الأسلحة العالمية خلال العام نفسه، مع وجود 42 شركة أمريكية من بين لائحة أكبر 100 شركة في العالم. وموردو الأسلحة الأمريكيون معرضون خصوصاً لإضطرابات في سلاسل التوريد لأن أنظمة الأسلحة التي ينتجونها غالباً ما تكون أكثر تعقيداً من أي مكان آخر. وقال لوبيز دا سيلفا "هذا يعني أن سلسلة التوريد أكثر تعقيداً وتتضمن مزيداً من المراحل، ما يجعلها أكثر عرضة للخطر".
العقوبات على روسيا
وشهد مصنعو الأسلحة الروس أيضاً انخفاضاً كبيراً في إيراداتهم بنسبة 12% لتصل إلى 20,8 مليار دولار، وفقاً للتقرير. وأشأر الباحث إلى أنّ هذا الانخفاض يرجع جزئياً إلى العقوبات المفروضة على روسيا، لكنه قد يكون أيضاً نتيجة تأخيرات في الدفع من جانب الدولة الروسية. إضافة إلى ذلك، انخفضت شفافية مصنعي الأسلحة في روسيا، وأدرِجت شركتان روسيتان فقط في لائحة أفضل 100 شركة وذلك "بسبب نقص في البيانات المتاحة"، حسب سيبري.
في أجزاء أخرى من العالم، حيث المعدات العسكرية المنتجة أقل تعقيداً، تمكن المصنعون من تلبية الطلب، كما هو الحال في الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. وكانت الزيادة الأقوى في الشرق الأوسط، حيث بلغت نسبة النمو 11% لتصل إلى 17,9 مليار دولار. ويُعتبر ذلك جيداً للشركات التركية خصوصاً. فعلى سبيل المثال، شهدت شركة "بايكار" التي تنتج طائرات بلا طيار تستخدم على نطاق واسع في أوكرانيا، قفزة في إيراداتها بنسبة 94%.
إنفاق عسكري
وارتفع إجمالي حجم مبيعات موردي الأسلحة من آسيا وأوقيانوسيا بنسبة 3,1% ليصل إلى 134 مليار دولار عام 2022. وشهدت الصين، إحدى أكبر الدول المصدرة للأسلحة في العالم، زيادة في إجمالي إيرادات شركات الأسلحة الثماني المدرجة في التصنيف بنسبة 2,7% إلى 108 مليارات دولار. ولا يرى لوبيز دا سيلفا أي علامات على تباطؤ الطلب مستقبلاً. وقال "إن طلبيات الشراء ودفاتر الطلبات لدى الشركات تتزايد في شكل كبير". إضافة إلى ذلك، تعهد عدد كبير من الدول الأوروبية زيادة الإنفاق العسكري في ضوء غزو روسيا لأوكرانيا، مع وجود بعض الأهداف التي تمتد حتى عام 2030. وقال الباحث "سيستمر هذا الطلب في السنوات المقبلة. لذا نتوقع أن يستمر الإنفاق العسكري في الزيادة، وبالتالي عائدات التسلح أيضاً".