شريف شاب مصري كآلاف الشباب الذين يهربون من البطالة والفقر لبؤر المخدرات، حتى أدى إدمانه لثقل شديد في لسانه وحالة "توهان" دائمة، ومما زاد من سوء حظه أن وُجد بقرب المكان الخطأ، حيث اعتقل النظام المصري السابق أفراداً من الجماعات الإسلامية فوجد شريف نفسه بينهم ملقى في إحدى زوايا سجن يسمى معتقلاً.. ولأن اللغة التي يتبادلونها غالباً يصحبها لقب "الشيخ" فقد أصبح الفتى المدمن "الشيخ شريف"، ومن معتقل لمعتقل كان يرد على سؤال: "اسمك إيه"؟ فيرد بلسانه الثقيل: "أنا الشيخ شريف"!

في الحقيقة، أن المصريين محظوظون لأن الشيخ شريف لم يدعِ البطولة بوصفه معتقلاً سابقاً ويطالب المصريين بانتخابه، وإلا لربما انتخبه البعض؛ مما ينقص في فرص من يستحق أن تثق فيه مصر.

يزعم كثير من المحللين السياسيين أن الانتخابات المصرية تميزت بالنزاهة، لكن السؤال: هل الديموقراطية نفسها نزيهة؟

في مصر هناك 50,2 مليون مواطن يحق لهم الانتخاب، وفي الحقيقة أن هذه الأحقية أخذوها بسبب السن لا غير، بمعنى لا تتوقع أن يكون التعليم معياراً في منح هذه الأحقية، أو الحكمة وبُعد النظر، مما يدفعك للتساؤل: كم شخصاً منهم سيمارس حقه الانتخابي؟ كم شخصاً منهم سيبيع صوته؟ كم شخصاً منهم يعي واجبه؟ وكم شخصاً منهم لا تسيّره عاطفته؟!

للأسف، أن التاريخ يخبرنا بأن الانتخابات لا تنحاز دائماً للرجل الذي يستحق أن يناضل الناس ليصبح قائدهم.. الرئيس الأميركي بوش أنموذج لذلك!

ويخبرنا علم النفس بأن الجموع تحركها العاطفة وتقودها البروبوغاندا (الدعاية)، كما يقول جوستاف لوبون، وهي غالباً مضللة، فما بالك إذا كانت هذه الجموع تنتخب بعد ثورة تحتشد فيها العواطف والعزف على الانتقام لدم الشهداء، بينما الأحياء لا أحد يذكرهم؟!

إن كل ما سبق يدعونا للنظر إلى الخلف، إلى تاريخ الدولة الإسلامية الأولى التي يملك حق البيعة فيها الشخصيات الأهم والأكثر علماً، وليس عامة الناس، أو كما يسمون بلغة الفقه "أهل الحلِّ والعقد من العلماء والرؤساء، وسائر وجوه الناس"، إن هؤلاء وحدهم من ترتفع نسبة فرصة نجاحهم في اختيار الرجل الذي يُرجى من حكمه خير، ويتسلم مقاليد الحكم والشعب واثق به لثقته فيمن اختاره.