وإن كان الجميع يتفق على ارتفاع معايير جودة التعليم في المدارس الأهلية، إلا أن البعض ذهب لأفضليتها في الضبط والمتابعة والاهتمام بالجانب الوجداني من تحفيز وتقدير وترفيه. والبعض أيضا ذهب لأفضليتها في تأسيس اللغة الإنجليزية والممارسات التقنية، والبعض اختارها لوضع أبنائه في مستوى طبقي من العلاقات الاجتماعية التي لا تختلف عن مستوى الابن في محيطه الاجتماعي.
أيًا تكن الأسباب فالتعليم الأهلي سوق للمنافسة ما بين تقديم الخدمات وجودة إتقان المخرجات، ولا يعني ذلك فشل التعليم الحكومي (العام) أو تدني معايير جودته إطلاقا، والدليل قياس النتائج لهيئة تقويم التعليم ومقارنة مخرجات التعليم العام بمخرجات التعليم الأهلي التي لا تشكل فارقًا كبيرًا، وهذا يحسب لمجهود كبير وعمل متواصل قامت به وزارة التعليم.
لم ترتق هذه النتائج عبثًا إذ هي حصيلة معايير والتزامات رفعت من الأداء التنافسي بين المكاتب التعليمية والمدارس واختبارات الطلاب، وصنعت مؤشرا يصنف النتائج ويسهل على الأسرة أيضا التوجه نحو المدرسة الأفضل لأبنائها بناء على قياس الأداء. بهذا تكون معايير المدارس الحكومية وجودتها لا تقل شأنا عن الأهلية، سوى في بعض الجوانب الترفيهية والإضافية التي تستطيع الأسرة تعويضها حسب إمكانياتها.
في الحقيقة الفجوة بين نوعي التعليم وإن كانت موجودة، إلا أن الأنظمة والمعايير التي تضعها وزارة التعليم تعمل باستمرار على تقليصها بالتطوير المستمر، وأردت هنا أن أوضح للأسر التي تتردد على ألسنتها عبارات السخط والتقليل من هذه المجهودات، والإساءة لأنظمة التعليم، خاصة من قبل بعض الطلاب (الأجانب) المحرضين باستمرار على كل تطور يحدث في التعليم وفي الوطن بشكل عام، في الوقت الذي تمثل فيه نسبة تسرب المتعلمين الأجانب داخل المملكة صفرًا، واستفادتهم من خدمات التعليم المجانية 100%، ترتفع أصواتهم باستمرار امتعاضًا وغضبًا بالادعاء والشكوى من المعلمين والإدارات التعليمية.
لذا أرى أنه من الواجب على أولياء الأمور تقدير هذه الجهود، وعدم الانسياق خلف رسائل التحريض المنتشرة في مجموعات برامج التواصل الاجتماعي التي بوجودها لن ترتفع أي معايير للجودة، في الوقت الذي تشكل فيه تعطلا وتأخرا وتراجعا لمنظومة العمل التعليمي بشكل عام.