ولا تقف الديون التي يطالب أصحابها أو وسطاء بسدادها عند فاتورة كهرباء أو تكاليف عملية جراحية بسيطة في مستشفى، بل وصلت بعض الديون التي تتم المناشدة بسدادها عبر بعض الفيديوهات إلى مبالغ كبيرة تصل أحيانًا نحو 5 ملايين ريال، وحتى هذه تجد من يسارع إلى المساهمة في سدادها، لكن الأمر بات ينذر بتحول المسألة إلى ما يشبه ظاهرة الاستدانة حتى للتمتع بالكماليات الفائضة وتحميل عبء السداد للآخرين. شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية ظهور عدد من الأشخاص يناشدون بسداد مديونياتهم عبر مقاطع فيديو، وهي مناشدات وجدت استجابات من قبيلة المناشد بالسداد، ومن قبائل أخرى تقديرًا لقبيلته، حيث يتحرك كثيرون ويتم سداد الدين في زمن وجيز للغاية.
ويعتقد كثيرون أن بعض تلك المناشدات لا تخلو من الألاعيب والخطط المحبوكة، ولذا طالبوا بأن يتم وقفها.
سماسرة الدين تصدر الراوي، المؤرخ، أحد أعيان منطقة نجران محمد القحص آل هتيلة المشهد في الآونة الأخيرة عندما ناشد المشايخ وجموع القبائل وأعيان بمحاربة ظاهرة «سماسرة الدَين» وإيقافها، والامتناع عن الاستجابة للمناشدين عبرها، لوقف التشجيع عليها، ورأى أنها ظاهرة دخيلة على المجتمع النجراني، واستشهد بالمعاهدات التي تم التوقيع والاتفاق عليها منذ عهود قديمة تمتد عشرات السنين، والتزمت بها جموع القبائل عبر تلك السنوات، حتى ظهرت هذه الظاهرة وانتشرت بشكل لا يليق على الإطلاق.
وقال «على كل قبيلة أن تصدر بيانًا يستنكر هذه الظاهرة، ويطالب بعدم التجاوب مع كل من يناشد بسداد دينه، ويتم منعها، وأن يعلن ذلك، وهو ما فعلته بعض القبائل التي أعلنت عن ذلك»، متمنيًا من الجميع الحذو حذوها.
وأضاف «على صاحب المديونيات أن يسدد ما جنته يداه، دون أن يضع أهله وقبيلته وجماعته في موضع الحرج، ودون أن يضيق على كثير منهم».
وتابع «للأسف هناك من شاهدناهم وعبر مقاطع الفيديو يظهرون علنًا يصرخون ويبكون ويمزقون الثياب ويستفزعون القبائل لسداد ديونهم، ولو بحثت الأمر ستجد ذلك المديون يملك ما لا يملك غيره من منازل ومركبات فارهة وثياب غالية، لكنه في نهاية الأمر يختار المناشدة والتوسل، ولو بحثت بالأمر أكثر لوجدت أن هناك من قام بإدارة تلك اللعبة له وحبكها حتى يوصله إلى الهدف المنشود».
بقرة حلوب يواصل آل هتيلة توصيف سوء الأمر، ويقول «للأسف هناك أشخاص يدارون بأساليب ملتوية يأتون يعاملوننا جميعًا مثلما تعامل البقرة الحلوب، وهؤلاء يدعون أنهم رهن الدين وضيق الحال وهم بعيدون عن ذلك».
وتمنى أن يتم القضاء على هذه الظاهرة التي رأى أنها «خدشت الأعراف والتقاليد، ويجب كبحها كما تم كبح سماسرة الدم بتقنين الديات، وهذه تحسب لأمير المنطقة كسابقة بقراره الأخير الذي قنّن الديات، وبمصادقة المشايخ وموافقتهم بعدما تخطت الديات في كثير من الحالات عشرات الملايين».
وختم «أعلم وأدرك أن هناك من سيعارضني ويخالفني، لكنني أعلم كذلك أن هناك من سيوافقني الرأي ويؤيدني من العقلاء»، متمنيًا من معارضي رأيه ومنتقديه أن يحكموا العقل، وأن يتمعنوا جيدًا في مطالبته ليدركوا أهميتها.
تقنين الديّات 5
ملايين ريال ديّة الدم 1مليون ريال ديّة الإصابات البليغة 500ألف ريال ديّة الإصابات الأخرى