أسهل موقف يمكن أن تتخذه عند أي اختلاف بين طرفين هو موقف العاقل الناصح، يا شباب وحدوا رأيكم ولا تختلفوا ولا تنشروا غسيلكم علنا، ومن هذا الكلام الفج المكرر الممجوج.

في اختلافنا مع زملائنا في إدارة النادي أسمع هذا الكلام كثيرا من زملاء في الجمعية العمومية ومن خارجها.

نحن لا نختلف فيما هو عار، ولا ننشر غسيلا مخلا بالشرف، وفي كل اختلافاتنا لم تطش منا ولا من مجلس النادي أي كلمة جارحة أو مثيرة للندم أو موجبة للاعتذار، وعلاقتنا بزملائنا في المجلس قوية ونكاد نلتقي أسبوعيا في منازلنا.

"عشاق النصيحة" هؤلاء يدعون أننا نسيء للمنطقة ولصورة المثقف الجيزاني، ثم تجدهم قبل دقائق أو بعد دقائق في موضوع آخر يتحدثون عن ثمار الاختلاف وفوائد المصارحة وفضائل المكاشفة العلنية.

اختاروا عمامة النصح لأنهم لم يكونوا من البدء طرفا أو محركا، وحين انتبهوا وجدوا المقاعد مشغولة فاختاروا أن يكونوا ناصحين، وهذا السلوك "بطّلوه الناس زمان!".

شيئان لا يفهمهما هؤلاء؛ الأول: أن الصمت والنقاش السري لم يعد يمثل قيمة سلوكية محترمة كما كان في زمن مضى، إذ صار الكل يتنادى بالاختلاف ويشجع عليه ويدعو للشفافية والعلنية وحق الجمهور في المعلومة وحق الفرد في إعلان رأيه على الملأ. والثاني: هو تغير العلاقة التي كانت تربط المجالس المعينة بالمثقفين حين كانت الفاعلية فيها من طرف واحد هو مجلس الإدارة، الآن لم يعد الحال كذلك مع المجالس المنتخبة، فقد تشكلت جمعيات عمومية تحدد لها اللائحة واجبات، أي أن العلاقة شراكة والفاعلية فيها من الطرفين.

يردد عشاق النصيحة قائلين: أعطوا المجلس فرصة ليعمل ثم حاسبوه. وكأننا حين نختلف مع المجلس إنما نقفل النادي بالسلاسل ونمنع مجلسه من العمل!

نحن أيضا كجمعية عمومية نحتاج من يعطينا فرصة لنعمل ثم يحاسبنا.

عشاق النصيحة بلا موقف ولا وجود، تماما مثل الذين يملكون موقفا لكنهم صامتون. كلا المسلكين غير جدير بالتقدير.