هل استفادت الإنسانية شيئا من اللعن في المنابر والشتم اليومي في برامج التواصل هل انقذت طفلًا أو شيخًا أو حقنت دمًا أو أنهت حروبًا؟ بالطبع لا.
لا أعني بذلك التقاعس عن واجبنا بالدفاع عن الوطن، أمام المزايدين والاقصائيين والحملات الممنهجة لسلب نمونا وازدهارنا، وتأليب الشعوب ضدنا فهذا بلا شك واجب وطني على الجميع.
ما أعنيه هو الإصرار على ممارسة الخطاب المتطرف نفسهن وبناء المزيد من الحواجز والانغلاق على فكرة (إما الكراهية أو الموت)، بينما نستطيع إيجاد لغة أخرى تدفع بالموت نحو الحياة، والكراهية نحو التسامح، والحرب نحو السلام، والتطرف نحو الاعتدال. هذه اللغة ليس من الصعب إيجادها وتعزيزها في مناهج التعليم ومراكزنا الثقافية على الأقل. لطالما آمنا بواجب الإنسانية في إعمار الأرض وإشعالها بشموع العلم لا بالحروب والفتن، تارة بـ اسم الدين وتارة بـ اسم العنصرية، اللتان باستمرار التلاعب بهما بانفلات دون وعي سنبقى للأبد في دائرة الحروب، نُؤثر الموت على الحياة، ونخسر وحدتنا ونفرط في مكتسباتنا وحضاراتنا الدينية والتاريخية والثقافية. تتقطع قلوبنا جميعًا لما يحدث في غزة من انتهاكات وحشية ولا إنسانية، بل العالم أجمع يتقطع ولا مجال للمزايدات الإنسانية أمام الأشلاء والجثث التي تجاوزت 13 ألف روح، بينما متسببوها يحمون أنفسهم ويخفونها خلف ألثمة وأقنعة.
اليوم وفي القرن الواحد والعشرين لمنطقة مثل الشرق الأوسط التي تستحق دائمًا الأفضل، المنطقة الزاخرة بالحضارات والثقافات المتنوعة، الداعمة للسياحة والفن والجمال. حقنا اليوم أن نسعى لنشر السلام الدائم والعادل من أجل حياة أفضل بعيدًا عن الحروب الوحشية التي اختارت أن تسكن منطقتنا العربية عنوة دون حق اختيار. حق هذه المنطقة أن تضحك دون مزايدة واستشراف، وأن ترفه عن نفسها وتغني وترقص وتمارس حياتها كأي مجتمع يطبق ثقافة جودة الحياة لا جودة الموت.