بدأت تظهر الأخبار السارة تباعا، إذ تم افتتاح مصنع شركة السيارات «لوسيد» في السعودية، وأيضا شركة «هيونداي» ستفتتح مصنعا للسيارات في المملكة، وهناك شركة السيارات «سير» في الطريق، والآن العمل على قدم وساق لتهيئة البنية التحتية المتكاملة لصناعات السيارات وقطعها ومستلزماتها وإكسسواراتها، وأيضا إنشاء بنية تحتية حديثة لصناعة البطاريات الكهربائية وخصوصا للسيارات الكهربائية، مجهود واضح وملموس والجميع يرى نتائجه على الأرض وفي وقت قصير بكل المقاييس من «صندوق الاستثمارات العامة» الذي هو إلى حد كبير عراب هذه المشاريع، ولكن ماذا عن الضفة الأخرى؟

وكلاء السيارات في المملكة قدماء بقدم دخول السيارات للمملكة وتاريخهم يمتد لعقود طويلة، وعديد منهم أصبح مليارديرا من تجارة السيارات لعقود، لكن بعضهم للأسف لم يقدم شيئاً يذكر أو قيمة تصنيعية مضافة للبلد خلال سنوات !

بل إن بعضهم ينطبق عليه «أحشفا وسوء كيلة!» أسعار سياراته غالية مقارنة بالسوق العالمي والمنطقة، ولا داعي لذكر أمثلة، فالإنترنت مليء بالمقارنات بين أسعار السيارات عند بعض الوكلاء والخارج، أما الصيانة، فالشكاوى العديدة من صيانة الوكلاء تملأ أحاديث التواصل الاجتماعي، وأما قطع الغيار وما أدراك ما قطع الغيار، فهذه قصة بحد ذاتها، فرغم التأخير الحاصل من بعض الوكلاء فإن الأسعار خيالية في كثير من القطع، وهناك فيديوهات عديدة لبعض المهتمين تشرح الفرق الكبير، وقد يصل لأضعاف بين أسعار قطع الغيار بين بعض الوكلاء والمواقع العالمية! ورغم كل هذه المشاكل التي ذكرنا لنتركها قليلاً على جنب ونتحدث عن موضوع المقال، وهو لماذا لم يقم بعض الوكلاء بنقل تقنية وتصنيع حتى برغي في السيارات للوطن؟ رغم أنه وكيل لعقود وينعم بخيرات المواطنين الذين هم الزبون الأول للشركة؟!


هل تعود البعض على الكسل وتأتيه السيارة من المصنع جاهزة ويضع عليها هامش ربحه الكبير وهو جالس وربما حتى بالغ بأسعار الميزات والإكسسوارات والاختيارات! ولا يريد أن يدوخ نفسه حتى ولو تصنيع برغي أو قطعة غيار من سيارة؟

يقال إن بعض الوكلاء كان يدعي في حديث المجالس أنه «مضبط الشركة الأم للسيارات وإنهم في جيبه!» حتى كان البعض يشعر أنهم لا يتخذون قرارا في مجلس الإدارة إلا ويشاورونه! طيب ما دام أن لديه هذا النفوذ وراه ما طلب منهم ينقلون تقنية حتى لو برغي من السيارة حتى لو «مُصينع» تصغير مصنع، للمملكة، بما أنها زبون ممتاز للسيارات؟! يا عزيزي كما يقول المثل «ورنا ركضك بالسروال» نحن ننتظر هذا البرغي من سنوات!

هل الموضوع مجرد هياط مجالس أو أنه ما وده يدوخ نفسه في التصنيع دامها تجيه بارده مبردة؟!

قد يقول قائل، إن صندوق الاستثمارات لديه الإمكانات لذلك نجح في توطين صناعة السيارات ونقل التقنية بينما بعض الوكلاء لم يفعلوا لأنه ليس لديهم الإمكانات - رغم الادعاءات أن لديهم إمكانات- لكن الرد على ذلك أقرب ما يكون المثل البدوي «إذا اشتهت العين ساقت الرجل!»، صندوق الاستثمارات كان لديه الرغبة والشغف والالتزام لذلك نجح بينما بعض الوكلاء لا يملك أيا من ذلك، والرد الآخر أن بعض الدول ليس لديها الإمكانات المكتملة ومع ذلك نقلت بعض مصانع السيارات إليها بمجهودات شخصية من رجال أعمالها، بينما المملكة لديها الإمكانات الكبيرة وأيضا صناعة معادن وبلاستيك متطورة وهذا غير الدعم الكبير من الدولة والقروض الميسرة الخ... ولو أن أحد الوكلاء رغب والتزم لوجد كل الدعم من الحكومة، لكن هل كان هناك جدية من بعض الوكلاء؟!

ما زلت أرى أن بعض القطاع الخاص لم يؤدِ دوره المأمول، والتي شجعته للقيام به الرؤية، رغم تهيئة كل الظروف والعوامل المساعدة، أما قصة الوكلاء وتوطينهم لصناعة السيارات في المملكة إن وجد لا تبدو مثالا مأمولا لولا تدخل صندوق الاستثمارات العامة!

لا أعرف كيف ينظر عديد من وكلاء السيارات لأنفسهم ودورهم في الرؤية ودورهم المستقبلي في خضم هذه التطورات المتسارعة والحديثة والإبداعية في الرؤية، هل سيبقون على حالهم أم سيتكيفون مع التطور الذي يحصل؟ ربما نقطة الضوء التي أراها في الموضوع أن لديهم وزيرا استثنائيا ورجلا استراتيجيا ينظر للمستقبل بحكمة الدكتور ماجد القصبي، قد جلس معهم عدة مرات وكعادته أعطاهم بدبلوماسية ورقي تلميحا وإشارات، ولكن يبدو أن البعض لا يتفهم رقي حديثه، فما زالت (روح الشريطي مستترة داخليا في بعض وكلاء السيارات)، حتى لو لبس البشت، ربما يحتاجون لمصارحة أنفسهم أولا ماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل؟ فدوام الحال من المحال، ومن ثم يذهبون لوزارة التجارة ويناقشون إستراتيجية ما يمكن عمله مستقبلا للتطور بالقطاع!