ربما يكون أكثر ما أحزن وفجع أبناء الوطن في وفاة الأمير نايف أنها كانت لحظة مفاجئة، وذلك حكم الله ليس له راد، وقد توفاه الله بهدوء وأحسن له الخاتمة، وكما هي طريقة الأمير القائمة على الروية، فمهما كانت الأمور التي يواجهها صعبة، فإنه يتصرف معطيا المراقب له إحساسا بأن لكل شيء حلا.
من الصعب جداً ذكر مناقب المغفور له ـ بإذن الله ـ الأمير نايف؛ فالحقيقة التي عاشها يوميا في الحفاظ على أمن الوطن بجميع مفاهيمه، ليس فقط في مكافحة إرهاب أو جريمة أو خلافهما، بل في أمور كثيرة، ولعل في حديث وزير العمل في آخر حديث معه، ما يدل على ذلك، فقد قال: إنه أوصاه ببذل أكبر قدر من الجهد في تطبيق برامج السعودة وتوظيف أبناء الوطن في مختلف المجالات، فكان يرى بحسه الأمني ما لإيراه غيره.
ومن صفاته ـ رحمه الله ـ أنه كان عفيف اللسان هادئا لا يرد على الخصومات الخارجية، وأعطى فرصا كثيرة لكل من حاد عن الطريق. وشخصيته ـ لمن يراقب عن بعد ـ بعيدة عن المظاهر، فهو متواضع بطبعه وصبور على حمل أمن شبه قارة.
كثير من المواطنين شعروا بالفراغ، وليس فراغا سياسيا، بل كون معظم هذا الجيل عاش ولمس الأمن وفي ذهنه رجل الأمن الأول نايف بن عبدالعزيز، وكثير من أبناء الدول المتضررة من الكوارث يعرفون أنه المؤتمن على التبرعات التي تصل إليهم.
نعزي خادم الحرمين الشريفين في فقد أخيه ورجل المهمات الصعبة، ونسأل الله ان يغفر له ويدخله فسيح جناته. والأعمال الصالحة تبقى خالدة في نفوس وعقول البشر والتاريخ يكتب دائماً أعمال الرجال وأفضلهم الذي تذكر سيرته بالخير والعطاء والوفاء لمهام يوكلها الله إليه ليقابل وجه الله وقد أدى الأمانة. وعزاؤنا نحن في الاستقرار الذي ننعم به، والذي ظهر جليا في تعيين الأمير سلمان بن عبدالعزيز وليا للعهد وهو كفء كريم خبير، وفي تعيين الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرا للداخلية وهو الخبير بالأمن وشؤونه منذ سنوات طويلة.