لا غرابة أن هؤلاء يحلمون بإنشاء مؤسسات وجمعيات لتفسير الأحلام، ولك أن تتخيل بأنك قمت بالاتصال عليهم وتحديدًا على الرقم المجاني فسمعت صوت الهاتف يرد، اضغط واحد لتفسير الكوابيس، اثنان للأحلام الكوميدية، ثلاثة للأحلام الممنوعة والمشفرة، أربعة لأحلام الزواج والعنوسة، خمسة للحصول على كشف كامل بأحلامك برسالة sms أو صفر للمساعدة... ولك أن تتخيل أن أحدهم ضغط على الصفر وتم تحويله إلى خبير الأحلام، فقال له يا أخ حلمي حلمت بسبعة بقرات تلاحقني، ألا تعتقد أن الحلم له علاقة بالمال وبأني سأصبح ثريًا، ويكمل المتصل كلامه الملاحقة دائمًا في الحلم معناها خير وثراء، فقال له: أين تعمل؟ رد عليه موظف على قد حالي، قال له المفسر: أيها الحافي المنتف ليش متصل إذا عندك تفسير الحلم وأكمل، أقول احلم على قدك، تفسير الحلم أن الفقر يلاحقك وأغلق الخط في وجه المتصل! السؤال الذي يجب أن نطرحه هنا من المستفيد من تفشي هذه الظاهرة؟ ولماذا يلجأ الأكثرية إلى تفسير أحلامهم، بدلًا من تفسير واقعهم والتعامل معه بالمنطق والعقل؟ وهل تفسير الأحلام من اختصاص علماء النفس والطب النفسي أم الدعاة؟ وهل كل معالج نفسي أو داعية قادر على تفسير الأحلام؟ وهل تفسير الأحلام علم قطعي تبنى عليه قرارات مصيرية؟ أم أنه اجتهاد ظني؟
والأدهى والأمر إجابة المفسر هكذا بكل بساطة بيتكم كله مسحور. وسبحان الله لا أدري لماذا الشعوب الغربية الكافرة لا تصاب بالسحر والعين مع أنها لا تقرأ الأذكار والتسبيحات والمعوذات ؟!.
إن المشكلة الرئيسة في مجتمعاتنا للأسف تكمن في أسلمة مفاهيم العين والسحر وتفسيرات الأحلام وإلباسها لبوسًا شرعيًا حتى يكتسب أصحابها مصداقية لدى الجمهور، وكأن الأحلام خاصة بالمجتمعات الإسلامية فقط دون غيرها، نعم تفاسير الأحلام موجودة في كل الديانات، ولعل قصة يوسف – عليه السلام – من أفضل مصاديقها، لكن يجب الاعتراف بأن هناك حالة من الإفراط والتمادي في التعاطي مع هذه الظاهرة على حساب المنطق والعقل، ففي حال إعطاء العقل إجازة فستكون الخُرافة هي البديل الجاهز.