فتاريخ العلاقة الفلسطينية - السعودية لا يمكن لأي أحد تجاهلها، وتحت أي ظرف ولأي سبب كان، لذلك مهما حاولت بعض الأبواق المأجورة شن حملات مغرضة، للتحريض على المملكة، أو لدق أسفين بينها وبين الفلسطينيين، فإن محاولاتهم ستفشل حتما. كما أنهم لن يستطيعوا بأي شكل من الأشكال إحداث أي شرخ في العلاقة بين الشعبين السعودي والفلسطيني، حيث يعتبر موقف المملكة من قضية فلسطين من الثوابت الرئيسية للسياسة السعودية.
وكما يعلم القاصي والداني، فإن أفضال المملكة على الدول العربية الشقيقة لا تحصى ولا تعد، فهي تساعد وتدعم كل ما يمكن أن ينصر الشعوب العربية، فكيف الحال مع فلسطين التي قدمت المملكة لها وللشعب الفلسطيني الكثير، وهي لم تتخل يوما عن الوقوف إلى جانبهم على كل المستويات، ولا سيما السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فالمملكة من خلال موقعها الوسطي في قلب المحاور الدولية القديمة والجديدة لعبت دورا إيجابيا في خدمة القضية الفلسطينية عبر تأكيدها المستمر، وفي كل المحافل الدولية، التمسك بالحقوق الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهي لا تزال على موقفها الواضح من المبادرة الذي طرحها الملك عبدالله بن عبد العزيز -رحمه الله- في قمة بيروت 2002، وأقرت بإجماع الدول العربية، التي تؤكد أن السلام العادل والشامل هو الإطار الوحيد لمقاربة حل القضية الفلسطينية.
من هنا، فإن القضية الفلسطينية للمملكة العربية السعودية تبقى قضيتها الكبرى منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي كان يولي هذه القضية اهتماما وطنيا مميزا حقيقيا ومخلصا، بوصفه كان أكبر نصير لهذه القضية، وكان يعتبر هذا الأمر واجبا عمليا وأخلاقيا وشرعيا. لذلك، فإن فلسطين، وما تمثل من قضية محقة، تجذرت لدى كل قادة المملكة تاريخيا ومصيريا، وتجلى هذا من خلال دعمها الثابت للشعب الفلسطيني بكل الأشكال، وتأييدها نضاله البطولي، حتى تتحقق مطالبه العادلة المتمثلة في حق العودة، وتقرير المصير، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وفي هذا الإطار، فإن المملكة العربية السعودية لم تكتف بتقديم المساعدات للفلسطينيين، بل تربطها بأرض فلسطين الدماء السعودية التي سالت هناك دفاعا عنها نتيجة إيمانها بالقضية الفلسطينية، وذلك خلال مشاركتها في حرب 1948، حيث وصل عدد القوات السعودية التي حاربت في فلسطين 3200 فرد وضابط، وتمركزت هذه القوة تحديدا في مدينة غزة.
في السياق نفسه، فإن موقف المملكة العربية السعودية العروبي المشرّف من فلسطين وقضيتها معروف ومعلن، وهي بالنسبة لها تعد قضية محورية. ومن هذا المنطلق، فهي مستمرة في دعمها المتواصل ومساعدتها ومساندتها اللامشروطة للفلسطينيين.
أما على صعيد الدعم المادي والمعنوي الذي قدمته المملكة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ القمة العربية بالخرطوم في 1967 فهي تقديمات كبيرة لا يمكن حصرها بمبالغ محددة أو مجالات معينة، سواء كانت إنسانية قُدمت إلى الفلسطينيين بشكل مباشر، أو عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أجل قيامها بالدور المنوط بها، أو من خلال «يونسكو»، وعبر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الدولي، والبنك الإسلامي، والصندوق السعودي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلى دعم موازنة السلطة الفلسطينية، والإسهام في بناء مؤسساتها ودعمها تنمويا. كذلك إعادة إعمار غزة، وغيرها من المدن الفلسطينية، وتأمين كل الدعم لها.
المملكة كانت دائما سندا وعضدا لأشقائها العرب على مدى تاريخها، وكما هو معروف عنها كانت دوما حاملة لواء الدفاع عن القضايا العربية بصوت عال وواضح وشفاف، ولها دور فعال في نشر الاستقرار وصنع التقدم والسلام، إلى جانب حرصها على وحدة الصف والتضامن في مواجهة التحديات والمصاعب من خلال اتباعها سياسة قائمة على الثبات والاعتدال واحترام القوانين والأعراف الدولية، وبذلك أثبتت أنها مركز ثقل عالمي تنظر له الشعوب والمنظمات بعين الاحترام والتقدير من خلال قيادتها الحكيمة.
ومن منطلق موقفه الثابت من القضية الفلسطينية، ودفاعه العقلاني عنها، يواصل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تقديم ما يمكن للشعب الفلسطيني، لمساعدته على تخطي محنته والمصاعب التي تعترض حياته. لذلك لم يتأخر يوما عن تلبية كل ما تحتاجه الأمة العربية والإسلامية، وبالأخص فلسطين وشعبها، وهو حريص على متابعة كل تعليماته للمسؤولين السعوديين المتعلقة بتقديم الدعم والعون إلى الشعب الفلسطيني.
وتأكيدا لموقفه هذا، أعلن ولي العهد وقوف بلاده إلى جانب الشعب الفلسطيني، لنيل حقوقه المشروعة في حياة كريمة، وتحقيق آماله وطموحاته، والسلام العادل والدائم بعيد بدء معركة «طوفان الأقصى».
فكما المملكة حريصة على استمرارها في مساعدة القضية الفلسطينية، فهي مهتمة أيضا بكل أبناء الشعب الفلسطيني المقيم على أراضيها، ومنذ عشرات السنوات، وهي تحرص على العمل على تقديم كل التسهيلات الممكنة لإقامتهم بكرامة واطمئنان على أرضها الطاهرة، حيث يشعر المواطن الفلسطيني بالراحة الكاملة، خصوصا أنها دأبت على التعامل مع الفلسطينيين كتعاملها مع مواطنيها من حيث التساوي في الحقوق.