هل كان رحيل الأمير نايف بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ مفاجئا للسعوديين؟! لا أحد يستطيع أن يقول سوى "نعم".. فلم نتوقعه كسعوديين رغم أن الموت حق وسيتذوقه كل حي، ولن يبقى إلا وجه الحي الذي لا يموت سبحانه.. لكن مع موته هبط حزن كبير على قلوب الكثيرين من أبناء الوطن. إنه رجل الأمن الأول وصمام الأمان في "وزارة الداخلية" التي تُعتبر من أكثر الوزارات في الدول حساسية وأهمية، لأنها بمثابة قلب الدولة النابض.. وقد كان كذلك ـ رحمه الله ـ استنزف من حياته ومن منامه ويقظته على مدى ثلاثين عاما جهدا كبيرا لحمل عبء ثقيل لا تحمله الجبال، وهو تحقيق أمن المواطنين والمقيمين بما يقارب 28 مليون نسمة واستقرار الوطن في منطقة دول الشرق الأوسط الساخنة دائما، ما يجعل تحقيق الأمن والاستقرار جهدا جبارا يتضاعف في ظلّ الأحداث الساخنة بالمنطقة منذ حرب الخليج الأولى، وغزو الكويت، ثم الحرب على العراق وانتهاء بالفوران الإرهابي الذي تعيشه الدول المجاورة بحدودها الملتهبة معنا، وهي تتجرع مرارة الإرهاب وجرائم الإرهابيين يوميا. ويكفي فقط مشاهدة نشرة الأخبار اليومية لنرى حصيلة القتلى المفزعة من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ للعمليات الإرهابية الشبه يومية التي تحدث فيها، نتيجة لضعف وزارات الداخلية بتلك الدول وعجز رجالاتها عن مواجهة الإرهابيين الذين تجرؤوا على دماء الناس بحجة الدين وما هم من الدين في شيء!

لكن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الداخلية استطاع مواجهة الإرهاب والإرهابيين ممن اكتوينا بنيرانهم في سنوات قليلة بحكمة وعزيمة صاحبتها الشدة والصرامة التي لا بد منها في الحالات المستهدفة لحياة وأمن إنسان الوطن. فضرب بيد من حديد على صانعي الإرهاب ومجرمي التكفير، وحتما هذه الشدة والصرامة التي في باطنها رحمة تحكمها رجاحة العقل التي تمتع بها، خلقت له ولرجاله في وزارة الداخلية أعداء عُجاف ممن يستهدفون أمن المواطنين والوحدة الوطنية في ظل أعداء حاسدين يقبعون خارج حدودنا.

وهؤلاء ربما شعروا اليوم بوفاته أن المساحة التي كانوا يبحثون عنها باتت فارغة، لكنهم من السذاجة إن فكروا في ذلك وحاولوا مس أمننا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية، لأن نايف بن عبدالعزيز الذي غادرنا إلى الدار الآخرة ودُفن بالأمس لم يترك مكانه فارغا.. فقد أسس على مدى ثلاثين سنة وزارة الداخلية ورجالاتها على رأسهم أخيه الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وابنه الإنسان الأمير محمد بن نايف يده اليمنى، لتكون وزارة الداخلية (قلب السعودية) صلبة وقوية وقادرة بالضرب بيد من حديد على كل من يمس أمن أطفالنا وأرزاقنا واقتصادنا واستقرارنا كسعوديين أو حتى وحدتنا الوطنية.

إن اختيار والدنا "أبو متعب" للأمير سلمان وليا للعهد، وتعيينه الأمير أحمد وزيرا للداخلية، يجعلنا دائما مطمئنين إلى أن هذه البلاد في أيد أمينة ولله الحمد.