تفاوتت تغطية القنوات الفضائية المصرية للانتخابات، بين الجيد والمعقول، وبين الذي ليس جيداً ولا معقولاً.
لا أظن أن هناك حدثاً تاريخياً أهم وأضخم من الانتخابات المصرية، ليس في تاريخ مصر السياسي الحديث فقط، بل وفي كل تاريخ العرب السياسي الحديث.
المتوقع والطبيعي والبديهي، أن يكون هناك "ماكينة" إعلامية ضخمة موجهة لهذا الحدث الفارق في السياسة العربية، غير أن ما رأيناه لم يكن بذات التوازي.
ثلاثة أرباع القنوات الفضائية المصرية، لم تكن تغطيتها للحدث الضخم، تتجاوز الأستوديوهات السياسية التحليلية، التي في عزّ ما هي تتكلم، لم تكن تقول شيئاً مهماً أو مفيداً، ولم تكن تقول أكثر من كلام، من الممكن جداً أن يدور في مقاهي مصر الشعبية، بين أناس تجمعهم الهموم السياسية المشتركة ورائحة الأرجيلة.
باستثناء ما تقدمه قناة "ون تي في"، من أطروحات تحليلية معمّقة ومتخصصة إلى حد كبير، وبالذات ما يقدمه ويديره المذيع والمقدّم والمُحاور اللامع، قديماً وحالياً، يسري فودة، وبعض ما تقدمه القناة المصرية الثورية الجميلة "البلد"، فإن أغلب ما تقدمه وتعيده وتمطّ فيه بقية القنوات المصرية، لم يكن بحجم الحدث، ولا بحجم أيّ شيء ممكن أن يكون له حجم.
هذا فيما يخص قنوات مصر الفضائية المعروفة والمُعتد بها، وهي تهذي دون نهج إعلامي متمرس منذ بداية الانتخابات الرئاسية وحتى انتهائها، وكنّا نرى في عقود سابقة، أنه لا إعلام عربيا يوازي الإعلام المصري، حيث كان مدرسة في كلّ شيء، أمّا الآن، فقد كشفت الانتخابات الرئاسية المصرية، حجم تخلّف الإعلام المصري، عن مجاراة أهم حدث سياسي ومجتمعي في تاريخ مصر السياسي والاجتماعي المعاصر، إذ لم يظهر لا كمدرسة، ولا حتى كروضة.
طبعاً الإعلام العربي، باستثناء القنوات السياسية المتخصصة والشهيرة، لم يكن هو الآخر بحجم تغطية الحدث، لكن إن وجدنا له عذراً، فلا عذر لإعلام مصر.
هذه النتيجة، عندما يكون الحدث أكبر ممن يغطّيه.