الهدية رسالة شخصية تحمل في طياتها معاني رائعة.. تقول فيها للطرف الآخر إنك تحبه، وتحمل له معاني المودة والتقدير.. أجمل ما فيها أنها تزيد من أواصر المحبة بين الناس، وتزيل الحقد و"الوساوس" من قلوبهم، بغض النظر عن قيمة الهدية أو شكلها أو فائدتها.. ورد في الحديث النبوي "تهادوا تحابوا".. الهدية تعبير عن اهتمامنا بالآخرين.. فكما أن "الزيارة" تزرع الود والمحبة بين الناس، فإن الهدية تسقي هذه المحبة..
الحديث اليوم عن الهدايا.. تلك التي يتبادلها الناس ويفرحون بها.. لكن هناك خطا فاصلا بين هدية وهدية.. بين مُهد ومُهد.. تنتقل قيمة الهدية وتتبدل من الطرف إلى الطرف حينما يتغيّر المهدى إليه.. فمن هدية تعبر عن المحبة والتقدير، إلى هدية تعبّر عن الوصولية والانتهازية والاستغلال!
هناك هدايا مشبوهة مرفوضة تماماً.. تلك التي يتم تقديمها للمسؤولين في القطاعات المختلفة.. أيا كان حجمها ومبرراتها..
يوم أمس، لفت نظري في هذه الصحيفة إعلان للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تم تصميمه بطريقة جاذبة، تحت عنوان: الهدايا التي تعطى للموظف بسبب عمله (غلول ورشوة).. يتوسط الإعلان سطران يتضمنان الآية الكريمة: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة".. والحديث النبوي الكريم: "هدايا العمال (الموظفين) غلول".. وأسفل من ذلك صورة هدية مغلفة، ومغرية!
ليست كل هدية ترعى المحبة وتسقيها.. فكما أن بعض الهدايا لغة للتعبير عن الحب والتقدير الصادق، فهناك بعض الهدايا وسيلة للبحث عن مشروعٍ ما.. وسيلة لتمرير معاملة غير نظامية.. وسيلة لعقد صفقة مشبوهة.. وسيلة لتصديق عقد مزور!