مشروع عملاق ونحن بحاجة ماسة له، بلدنا يستحق أن يكون بهذا المستوى.. إنه مشروع الحكومة الإلكترونية. أو ما أطلق عليه (يسر)، اهتمام كبير من القيادة بهذا المشروع صدرت أوامر وتنظيمات لضمان سرعة تنفيذه. انعكاساته على الوطن والمواطن كبيرة جدا. كلنا نتذكر قصة الهاتف. قبل ما يقارب عشر سنوات كنا نتردد ونتجمع طوابير على شبابيك ومكاتب وزارة البرق والبريد والهاتف، كان سعيد الحظ من له صديق في تلك الوزارة ليساعده في إنجاز أعماله. والآن أصبح صديقه هو الكمبيوتر الذي ينجز أعماله. من منا يعرف موقع مكتب شركة الاتصالات!! من راجع الشركة خلال السنوات الأخيرة! صحيح أنه ما زالت شريحة "صغيرة" جدا من المواطنين يتبعون الطريقة التقليدية. ولكن الشريحة الكبرى استفادت من التقنية في قطاعات مثل الاتصالات وغيرها. هناك مئات الخدمات تقدمها الأجهزه الحكومية للمواطن. ماذا لو كانت هذه الخدمات مثل الهاتف تستطيع من لوحة مفاتيح الكمبيوتر أن تنهي جميع الإجراءات. الجامعات مثال آخر كان الطالب يصرف الساعات أمام شبابيك القبول والتسجيل والآن يستطيع الطالب أن ينهي جميع إجراءاته من منزله.
السيارات التي تتجول في شوارعنا ما بين الساعة السابعة والثالثة هم مراجعو الدوائر الحكومية. أوقات أهدرت من موظفي الدولة والقطاع الخاص وهم يترددون على الوزارات والمصالح لإنجاز أعمالهم. التقنية ستحل كل وأكثر هذه المواضيع. التقنية من أهم وأفضل مزاياها أنها تقضي على الواسطة إلى حد ما. يوجد بعض "الأشخاص" يحاربونها لأنها تحد من نفوذهم. ميكنة الخدمات الحكومية أوكلت إلى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات, تأخر المشروع بعض الشيء ولكن تصريح الوزارة أخيرا مقلق على مستقبل هذه الخدمة وليس فقط وجودها!! تقول الوزارة إن الإدارات الحكومية تعاني من عدم القدرة على استقطاب الكفاءات التي تشرف على أو تدير مشاريع التقنية في المؤسسات الحكومية. القطاع الخاص وفقا للتصريحات ينافس وبقوة الحكومة في جذب تلك الكفاءات. نعم، من المستحيل أن يتخرج طالب الحاسب الآلي أو نظم المعلومات ويذهب لمؤسسات الدولة ليتقاضى في نهاية الشهر خمسة آلاف ريال بينما أمامه فرصة في البنوك أو الشركات تمنحه ضعف المبلغ وامتيازات أخرى ليس أقلها إلا التأمين الطبي.
الكفاءات البشرية هي العمود الفقري في إنشاء وإدارة هذا المشروع. ونحن أمام مشكلة مقلقة ليس في بناء الحكومية الإلكترونية ولكن في استمراريتها ونوعية الخدمة!. الكفاءات المتخصصة في الحاسب الآلي لن تذهب للعمل في الدولة بهذا الكادر الوظيفي. هذه القضية معروفة سلفا!! إذاً لماذا لا نفكر من البداية في حلول عملية تضمن لنا نجاح هذا المشروع المهم. والحل هو أن نعيد حساباتنا وتسند هذه الأعمال إلى القطاع الخاص، وقد تكون تكلفة إدارته من قبل القطاع الخاص مساوية أو أقل من الفرص التي تضيع بسبب الوضع الحالي. ويستثنى هذا المشروع بقرار رسمي وقوي وله آلياته الرقابية فيما يخص السعودة، فالشركة التي تتعاقد لتشغيل الحكومة الإلكترونية ملزمة بتوظيف وتأهيل وتدريب السعوديين وبالتالي ضمنا لمشروع بهذا الأهمية النجاح ووفرنا المال والزمن ولا نغامر. المشروع مازال في بداياته ومع ذلك فخلال العام الماضي وصلت عدد التعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية إلى أكثر من 647 مليون عملية وهذا يؤكد مرة أخرى الانعكاسات الكبيرة والأهمية لمثل هذا المشروع.