تُعتبر تنمية وإعداد وتأهيل الموارد البشرية السعودية من أبرز أهداف رؤية 2030، حيث تحرص الدولة عبر برامجها وخططها لتحقيق ذلك، والعمل على تنميته وتطويره بما يتناسب مع المرحلة التي نعيشها والتحديات والفرص المحيطة بنا.

الرهان الحالي والثقة بعد الله هي على شبابنا، الذين هم خيارنا وعماد حاضرنا وقوة مستقبلنا، لذلك جاء برنامج تنمية القدرات البشرية عبر خططه الرائدة، ليهتم بتنمية قدراتهم المعرفية والشخصية والقيادية، والتركيز على التحول الذي يشهده العالم من الاقتصاد المبني على المعرفة، إلى الاقتصاد المبني على المهارات، والذي يتطلب أن يكون الفرد مؤهلا بمهارات تتوازى مع المعارف، بما فيها مهارات الذكاء العاطفي والإصرار على النجاح.

من أجل ذلك، جاءت الحملة الوطنية التي أطلقها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث تحت شعار: «أنت خيارنا»، والتي تهدف إلى الوصول لجميع المواطنين في مناطق المملكة ومحافظاتها، للتعريف بمسارات البرنامج وآليات القبول وآفاقه المستقبلية، واستقطاب المتفوقين والموهوبين للاستفادة من البرنامج وتأهيلهم في أفضل الجامعات حول العالم، وتبادل الخبرات الأكاديمية والثقافية مع مختلف دول العالم، بما يساهم في إيجاد كفاءات وطنية مؤهلة تعمل على دفع عجلة التنمية، وتضمن التوسع في المشاريع الوطنية والاستثمارات الحالية والمستقبلية، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.


ولا شك أن هذه الحملة الوطنية تأتي ترجمة للجهود الكبيرة التي يقودها سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية حفظه الله، لتطوير برنامج الابتعاث واستحداث تخصصات جديدة تواكب العصر الحالي، وترتبط بالوظائف المطروحة في سوق العمل السعودي، وتلبي احتياجاته الحالية والمستقبلية، وتساهم في رفع كفاءته وجاذبيته، ليصبح في المرتبة 20 في مؤشر كفاءة سوق العمل، إضافة إلى رفع مشاركة المواطنين الاقتصادية إلى 60% بحلول العام 2030 بمشيئة الله.

ولهذا فقد ركزت إستراتيجية البرنامج الجديدة، على ضرورة أن يكون ابتعاث طلابنا وطالباتنا لأفضل المؤسسات التعليمية في العالم في مختلف المجالات والدول حسب التصنيفات العالمية، وهذا هو المهم في هذه الفترة خاصة في ظل تطورات وتغيرات سوق العمل بهدف تلبية احتياجاته ومتطلباته، وكذلك تحقيق الأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار، وفي هذا السياق لمسنا الدور الذي تضطلع به لجنة البرنامج التي عملت على تطوير هذه الإستراتيجية بالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة متمثلة في عدة مسارات تم تصميمها، بما يتواءم مع أولويات رؤية المملكة وبرامجها التنفيذية، وهو ما يساهم في بناء كوادر سعودية مؤهلّة ومحترفة مهنيًا وأكاديميًا، تستطيع تلبية احتياجات سوق العمل المتجددة والمتسارعة.

وكما نعرف جميعا، فإن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي هو برنامج وطني تم إطلاقه عام 2005، وهو يستهدف جميع الطلبة والطالبات من خريجي الداخل والخارج ممن تنطبق عليهم الشروط والضوابط، لكن البرنامج الجديد الذي أطلق إستراتيجيته أميرنا الشاب وعراب رؤية بلادنا حفظه الله قبل عام تقريبا، يمثل مرحلة جديدة وإستراتيجية قوية لمستقبل زاهر بسواعد وطنية من شبابنا وشاباتنا الذين يمثلون عموده الفقري، وهذا مما يساهم في تعزيز التنافسية بينهم ويساعد على رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة بإذن الله.

وتعد إستراتيجية البرنامج الجديدة التي أُطلقت بعد تحليل ودراسة مراحل البرنامج السابقة وتحديد الفجوات وأبرز التحديات، نموذجا عالميا من حيث تصميم رحلة المبتعث قبل وأثناء وبعد رحلة الابتعاث، ومن حيث ارتباطها بالأولويات الوطنية للابتكار، فمن خلال هذا البرنامج الطموح تعمل المملكة على بناء كوادر وطنية قادرة على حمل راية الوطن في كل القطاعات، حيث تستهدف امتلاك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالميًا، من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف مع تطوير أساس تعليمي متين، لتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي، إضافة إلى تمكينهم في مجالات الصحة والمدن الذكية والحفاظ على كوكب الأرض، بجانب فتح آفاق جديدة تركز على الاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والفضاء.

وحرصًا من البرنامج على توفير فرص قبول أكبر؛ ركزت الإستراتيجية الجديدة للابتعاث خلال المرحلة الماضية على إضافة دول ومجالات جديدة، وتطوير آليات واشتراطات القبول، بما يساعد على إتاحة فرص أوسع لاستفادة أبنائنا وبناتنا الراغبين في إكمال تعليمهم في أفضل الجامعات حول العالم؛ حيث لا يُشترط عُمر محدد أو امتداد التخصص أو درجة محددة في المؤهل العلمي السابق، كما يتُاح التقديم للموظفين، ويمكن دراسة أكثر من تخصص في المرحلة العلمية ذاتها.

وكلنا أمل بأن تساهم حملة «أنت خيارنا» في تحقيق الأهداف المنشودة لبرنامج الابتعاث في تعزيز تنافسية أبنائنا وبناتنا، ورفع كفاءاتهم في مختلف المجالات محليًا وعالميًا، ليساهموا في بناء مستقبل مشرق وواعد للمملكة.