تفوح رائحة العود والبخور من منازل قرى جنوب الطائف وهجره احتفالاً بالعيد الذي يشهد تواصلاً اجتماعياً وحميميةً كبيرة، مقارنة بكثير من المدن حيث تفتقد العلاقات في مثل هذه المناسبات.
ففي القرى والهجر تكون لهذه المناسبة طقوس خاصة، يتم فيها تجهيز سفرة طويلة مليئة بالعديد من الأكلات الشعبية والحلوى، والقهوة العربية لتكون في استقبال "المعيدين" الذين يتجولون على المنازل لمعايدة أصحابها بعد الانتهاء من صلاة العيد، فيتناولون بعضاً من هذه المأكولات والمشروبات، ويقدمون "العيدية" للأقارب من النساء والأطفال، وهي عادة اجتماعية مازالت الكثير من القرى تحرص عليها.
وبعد انقضاء صبيحة العيد يتفق الأقارب والجيران على جدول زمني يستمر لثلاثة أيام يستضيف فيه كل واحد منهم الآخرين في منزله، ويقدم لهم وجبة غداء أو عشاء من الأضحية التي يقوم بذبحها، ويستمر هذا الجدول طوال أيام العيد.
قال سعد الحارثي إنه من الصعب أن يقضي يوم العيد في مكان غير قريته، واصفاً ذلك بالسلوك الاجتماعي الجميل الذي اعتاد عليه منذ أكثر من نصف قرن، ولا يمكن التخلي عنه.
وعن كيفية قضاء يوم العيد أجاب أنه من بعد الفجر يرتدي ملابس العيد، ويحرص على التطيب والتزين بأغصان شجيرات الريحان والفل التي توضع على الرأس، وتربط بالعقال، وهو مشهد يميز كبار السن في القرى، ثم يتوجه لمسجد القرية، وبعد انتهاء الصلاة يخرج مع أبنائه في جولة على منازل الجيران والأقارب والأصدقاء، والمرضى الذين لم يتمكنوا من الحضور للصلاة.
وأضاف أنه زار أول من أمس أكثر من 18 منزلاً لمعايدة أصحابها، وهي عادة اجتماعية اعتادوا عليها سنوياً، حيث تحتم التقاليد على الزوار الجلوس لدى الأهل والأقارب بعض الوقت، وتناول المأكولات والمشروبات التي تقدم في كل منزل.
ويقول المواطن عواض عيضة المسيلي "العيد في القرى يتميز بترابط اجتماعي كبير، فعدا الزيارات المتبادلة بين السكان صبيحة العيد، يكون هناك تزاور على مدى الأيام التالية، حيث يتفق الأقارب والجيران على جدول يومي يستضيف فيه كل منهم الآخرين، ويقدم لهم بعض الأكلات الشعبية، ومنها "العيش"، وهو ذرة مطبوخة يتم طحنها وإعدادها كوجبة غذائية ساخنة، ويضاف لها السمن البري، وتقدم في صحن خشبي تراثي، ثم يقدم لهم لحم الأضحية، ويكون هذا المشهد أساسياً في كل الأعياد".
ويشير الشاب عبدالله الحارثي إلى أنه من خلال تجربته وجد فارقاً شاسعاً بين العيد في المدينة والقرية، حيث يفتقد عيد المدينة الكثير من هذه المشاهد الاجتماعية التي تحدث في القرى والهجر، وهذا ما يفسر حرص الكثير من سكان المدن على قطع مسافات طويلة لقضاء العيد في قراهم وهجرهم؛ حيث يتميز العيد هناك بشعور خاص.