وبينت دراسات حديثة عن السجائر الإلكترونية وجود أكثر من 5000 نوع منها، تُقدم بأكثر من 7000 نكهة، وتسوّق على أنها غير مضرة بالصحة، وأنها تساعد على الإقلاع عن التدخين، وباتت تجربتها كأنها متطلب ضروري للحياة العصرية.
وأشار معدو دراسة نشرت نتائجها في مجلة (JAMA Ped) إلى أن السيجارة الإلكترونية لا تقدم أي مساعدة خاصة لوقف التدخين، خلافًا لما يروّج له مصنعوها.
وأوضح الباحثون أنهم درسوا بيانات 949 مدخنًا في كاليفورنيا، 13.5% منهم قالوا إنهم أقلعوا عن التدخين خلال السنة.
ولفت معدو الدراسة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو إلى أن مستخدمي السجائر الإلكترونية التي تنتج بخارًا معطرًا مع مادة النيكوتين أو من دونها «لم يكونوا أكثر عددًا في التوقف عن التدخين، حتى إنهم كانوا أقل عددا بالمقارنة مع مدخني السجائر العادية».
وتدعم نتائج هذه الدراسة دراسات أخرى أشارت إلى أن السيجارة الإلكترونية لا تزيد عدد المدخنين الذين يقلعون عن التدخين؛ لذلك لا بد من منع الإعلانات التي تؤكد أو تلمح إلى أن السجائر الإلكترونية فعالة في المساعدة على الإقلاع عن التدخين؛ لأن هذا الأمر لم يثبت علميًا.
ترويج خاطئ
أكد عضو مجلس إدارة جمعية نقاء لمكافحة التدخين، الدكتور محمد الدوسري، أن السجائر الإلكترونية انتشرت بشكل خاص بين أوساط الشباب المراهقين، وبين أوساط المدخنين بشكل عام، وذلك للاعتقاد الخاطئ أنها وسيلة تساعد في الإقلاع عن تدخين التبغ التقليدي، وأنها أقل ضررًا وخطورة، وقال «كل هذه الاعتقادات غير صحيحة، وبناء على آخر الدراسات والإحصائيات من وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية عام 2019 كانت نسبة المدخنين بشكل عام 20% منهم 3% يدخنون السجائر الإلكترونية، ولكن للأسف هذه النسب بازدياد في جميع الدول، خاصة بين المراهقين والفئة العمرية من 18 حتى 24 سنة، لذا نحن بحاجة إلى دراسات وإحصائيات رسمية حديثة لمقارنة الأرقام الحالية بالسابقة».
مخاطر السرطان
بين الدكتور الدوسري أن هناك دراسة حديثة، كشف فيها باحثون في جامعة بورتلاند الأمريكية، ونشرت في مجلة (New England J 2014 Med)، بأن الاستنشاق العميق للسجائر الإلكترونية ينطوي على خطر الإصابة بمرض السرطان أكثر بـ5 أضعاف إلى 15 ضعفًا من تدخين السجائر العادية.
كما حذر من أضرار وسلبيات التدخين الصحية والمالية والمجتمعية، وأن معظم المدخنين لا يخفى عليهم ذلك، وقال يبدو أن هناك بعض العوامل التي تؤدي لممارسة هذه العادة على الرغم من ضررها مثل الفراغ والصحبة أو البيئة المحيطة بالشخص سواء بالبيت أو العمل، وكذلك بعض الشائعات والاعتقادات الخاطئة علميًا، والانسياق خلف الدعايات التسويقية غير الصحيحة عن بعض تلك المنتجات بأنها خالية من النيكوتين الذي يسبب الإدمان، أو أنها أقل ضررًا من السجائر التقليدية، وهذا كله غير صحيح، فهي غير آمنة ولا تخلو من الأضرار على أنسجة الجهاز التنفسي والرئة مع وجود مواد كيميائية مسرطنة من ضمن مكونات السجائر.
فشل التنفس
وفقًا لتقرير أعده جامعيون في جامعة كاليفورنيا ونشر في سبتمبر 2019 فإن هناك أدلة متزايدة على أن الاستخدام القصير للسجائر الإلكترونية يمكن أن يسبب فشل التنفس.
ودعا التقرير ذاته إلى وجوب تنبيه الجمهور إلى مخاطر هذه السجائر، وإلى رفع التوعية بين الأطباء، كما دعا التقرير إلى حظر استخدام المنثول كعامل نكهة في جميع منتجات التبغ، وحظر استخدام النكهات الحلوة والفواكه وغيرها من نكهات الأطفال في جميع منتجات التبغ، والإفصاح عن جميع المكونات في السجائر الإلكترونية، ووجوب اختبار النكهات المستخدمة، واستبعاد النكهات ذات السمية التنفسية المعروفة، ووضع ملصقات تحذيرية بيانية على جميع منتجات التبغ والسجائر الإلكترونية، وتطبيق أنظمة أكثر صرامة للمبيعات عبر الإنترنت لمنتجات السجائر الإلكترونية.
اعتياد قديم
من جانبها، أكدت الأخصائية الاجتماعية نوال الأسمري على أن التدخين هو ارتباط وتعوّد عالٍ جدا بين المدخن ومادة التبغ، وله عدد من الاعتبارات الصحية والنفسية والاجتماعية والسلوكية التي تختلف من مجتمع إلى مجتمع، ومن جيل إلى آخر، وقالت «التدخين والإدمان عليه ظاهرة موجودة منذ آلاف السنين، وقد مرّ بتدرّج ثقافي وديني مختلف إلى أن وصل إلى صورته المعروفه الآن، وقد كان لجوء الناس إليه يندرج تحت عدة تفاسير، منها تفسير نفسي اجتماعي، وتفسير نفسي حركي يبدأ التصنيف لها منذ البدء بالتفكير بالسيجارة، ومن ثم طرق الحصول عليها واستنشاقها، وحتى طريقة تناولها وتكراره، والهدف المرجو منه، والعائد الذي يشعر به المدخن حينئذ، حيث أنها قد تبدأ كفكرة اجتماعية بحتة يود منها الحصول على منزلة اجتماعية معينة، كأن يريد التودد إلى مجموعة معينة، أو تقليد الآخرين، أو إثبات أنه نوع من أنواع الإحساس بالمسؤولية، ولكن سرعان ما يتحول ذلك إلى إدمان صحي جسدي يحتاج إلى تدخل وطرق لمساعدة المدمن على التخلص من إدمانه».
فارق كبير
تركز الأسمري على نقطة جوهرية للغاية، هي نقطة البداية، وتقول: يشكل العمر الذي بدأ فيه المدخن التدخين فارقًا كبيرًا في حياته، ولذا من المهم الانتباه إلى الأسئلة التالية:
ـ كيف بدأ؟
ـ مع من؟
ـ لماذا؟
ـ ما هو شعوره حينها؟
وتؤكد أن هناك شعور اجتماعي وجسدي مختلف يناسب المدخن سيجعله في كل مرة يلجأ فيها إلى التدخين يبحث عن هذا الشعور الذي اعتاده، ولكن مع الوقت ووفقًا للجانب الصحي سيحتاج لزيادة الجرعة في كل مرة للوصول إلى نفس النشوة الأولى، وطبيعيًا يكون الشعور مختلفًا لدى كل مدخن عن الآخر، وفقًا لما اعتاد المدخن أن يشعر به مع هذه السيجارة، فالبعض يرى أن اللجوء إلى السيجارة قد يكون هربًا من أدوار متكررة وكثيرة على المدخن أن يقوم بها، أو بحثًا عن فترة هدوء ومراجعة للأفكار أو تحفيز للعقل وتنشيط له أو داعمة للتركيز أثناء قيامه بمهمة معينة.
دراسات عميقة
تشدد الأسمري على أن السجائر الإلكترونية تحتل حيزًا مهمًا من اهتمام المدخنين وغيرهم في الفترة الحالية، وتقول: «روّج كثيرون على أن السجائر الإلكترونية أقل ضررًا من الناحية الصحية، ما جعل البعض يعتقد أنها ليست مضرة، وبما أنها حديثه نوعًا ما فلم ترصد لها دراسات تتبعية وعميقة ووافية، ولكن تم الترويج لها بشكل يتناسب مع شريحة عمرية صغيرة، وتم الاهتمام بالألوان والمزايا إلى أن أصبح هناك عدد لا يستهان به من المدمنين عليها مع أن الحكومات لم تتجاهل الأمر، بل سعت إلى وضع بعض الحدود التي من شأنها الحد من هذا الانتشار».
وتابعت «كأخصائيين اجتماعيين لا بد لنا من أن نوضح أنه لا يمكننا العيش بمعزل عن هذه التغيرات المجتمعية الواردة، ولذا فمن باب أولى أن نعي كيفية التعامل معها، والوعي بأضرارها وتحصين المراهقين والأطفال منها».
تدخين النساء
ترفض الأسمري أن تصف تدخين النساء في المملكة بـ«الظاهرة»، وتقول «أعتقد أننا لم نصل بعد إلى مرحلة يمكن وصف تدخين النساء فيها في المملكة بالظاهرة، وذلك استنادًا لإحصائيات رسمية عدة، كما أن النساء يبدأن التدخين بسن متأخرة قليلا (21 عامًا) مقارنة بالرجال، لكن لا يمكننا إنكار أن تدخين النساء حقيقة موجودة، ومن الواجب الاجتماعي وسعيًا منا للارتقاء بالمستوى المعيشي للفرد أن يتم النظر فيها ومعرفه أسبابها والنظر في الأفكار الصحية المغلوطة عنها».
وأشارت إلى أن «لكل عمر خصائصه، وأعتقد أن مرحلة المراهقة هي أصعب مرحلة تمر بها المرأة، خصوصًا إذا واجهتها صعوبات أو تحديات كبيرة في مرحلة الطفولة، حيث إنه في مرحلة المراهقة يكون لدى البنت مزيج من التغيرات الجسدية التي تتبعها تغيرات نفسية ومزاجية ما يجعلها مواتية لتبني أي فكرة أو عادة جديدة سواء كانت جيدة أو غير جيدة، فتكون أكثر استعدادًا لهذه التجربة؛ لأنها غير متوازنة بشكل كاف نفسيًا واجتماعيًا، ويجعلها على استعداد لفعل أي شيء يعيد لها من وجهة نظرها هدوءها وقدرتها على التفكير بشكل جيد، وهذه تعد أكبر فكرة مغلوطة انتشرت عن السجائر الإلكترونية».
تجارب دولية
أثارت المضار الكثيرة للسجائر الإلكترونية ذعر الحكومات والسلطات الصحية، وصنفها خبراء على أنها وباء يهدد الصحة، خصوصًا للمراهقين.
في أمريكا لوحظ ارتفاع واضح في عدد مستخدميها من المراهقين، وساهم الترويج بأنها أفضل للصحة من نظيرتها التقليدية، في دفع عدد من الدول إلى حظر استخدامها، وفي استراليا مثلا، أشارت الأبحاث إلى أن واحدًا من كل 6 أستراليين بين 14 و17 عامًا استخدموها، مقارنة بواحد من كل 4 أشخاص بين 18 و24 عامًا، وتعد تايلند الدولة الأكثر صرامة فيما يتعلق بالسياسات المقيدة للتدخين الإلكتروني، حيث حظرت السلطات هذه السجائر منذ 2014.
في المقابل، تحظر سنغافورة إدخال السجائر الإلكترونية إلى البلاد، وتفرض بوتان وتركمانستان عليها غرامات،
وحظرت اليابان التدخين الإلكتروني بعد أن منعته عام 2010، علمًا بأنه ليس هناك أي قواعد تحظر استخدام السجائر الإلكترونية التي لا تحتوي على النيكوتين، وفرضت الهند حظرًا على بيع وإنتاج السجائر الإلكترونية في عام 2019، وفي تايوان يعد بيع أو استيراد السجائر الإلكترونية أمرًا غير قانوني.
وتفرض كوريا الجنوبية ضرائب كبيرة على منتجات السجائر الإلكتروني، إلا أنها تسمح بالبيع والإنتاج، أما في أوروبا فيسمح ببيعها، حيث تسمح بلجيكا وبريطانيا وإستونيا بأخذ النيكوتين تحت مستويات معينة، فيما تسمح الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا ببيعها، لكنها تنظمه وتحظر الإعلان عنها، وفي البرازيل والأرجنتين يعد التدخين الإلكتروني محظورًا.
تعامل الحكومات مع التدخين الإلكتروني
دول تحظره
تايلند
سنغافورة
اليابان «السجائر التي تحتوي على نيكوتين»
الهند
تايوان
البرازيل
الأرجنتين
دول تحظر الإعلان عنه
الدانمارك
السويد
النرويج
فنلندا
دول تتعامل معه بضوابط وقيود
بوتان وتركمانستان
«تفرض عليه غرامات»
كوريا الجنوبية
«تفرض عليه ضرائب كبيرة»
بلجيكا وبريطانيا وإستونيا
«تسمح ببيعه مع نيكوتين تحت مستويات معينة»
الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا
«تسمح ببيعه وفق تنظيم محدد»