رحل نايف بن عبد العزيز وبقي الأمن يرفرف على ربوع المملكة، وسيبقى.. رحل المفكر وبقيت الفكرة. رحل عظيم وبقي رجال يواصلون مسيرته، ويتبعون نهجه، وينهلون من مدرسة الحكمة والقوة والأناة.

وإذا كان العالم كله يعرف اليوم ما يسمى بالنهج السعودي في الإعلام القائم على الصدق والرويّة وعدم الدخول في المهاترات والترفع عن الصغائر، فقد كان نايف بن عبد العزيز هو عراب هذا النهج، والداعي إليه، منذ أن كان رئيسا لمجلس الإعلام الأعلى.

تشرفت بمتابعة عدد كبير من المؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها ـ رحمه الله ـ في منى كل موسم حج، وكنت أرى في كل كلمة يقولها هذا الحس الإعلامي الذي يزن كل كلمة، يوجز كل عبارة، ويوصل كل فكرة بصراحة وقوّة ومحبة. كان نايف رمزا لرجل الأمن الذي يسهر على راحة الرعية بحب ورغبة في أن ينام كل إنسان على ثرى هذا الوطن قرير العين، وكان هذا يسعده، وكل من بات آمنا في سربه اليوم وغدا، فإن لنايف دينا في عنقه أن يدعو له.. كان نايف رجل فكر في المقام الأول، يؤمن أيمانا تاما بأن آخر أمر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها، منافحا عن نهج هذه البلاد القائم على كتاب الله وسنة نبيه.

عرفت المملكة رحيلا مرّا آخر قبل أشهر قليلة هو رحيل سلطان الخير، وفي كل مرة كان العالم يسأل ما الذي سيحدث في المملكة؟ وها هي السعودية كل يوم أقوى من الذي قبله، لأن رجالاتها يسيرون على جادة واضحة يكمل فيها الخلف مسيرة السلف.. عزاؤنا لخادم الحرمين الشريفين وإخوته الكرام وأبناء وكريمات الفقيد وسائر الأسرة الكريمة الصابرة المحتسبة.