مثّل انهيار المساعدات لأوكرانيا في الكونجرس انتكاسة كبيرة لإدارة تسعى إلى قيادة تحالف غربي لحماية أوكرانيا، مع استمرار القتال، وهي مخاوف تكلم عنها الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي حذر من أن الدعم السياسي لأوكرانيا في خطر عندما كثفت مجموعة صغيرة من المشرعين الجمهوريين جهودهم ضد إرسال الأموال الأمريكية إلى الخارج، للقتال ضد روسيا.

وظهر الانهيار أولا في سلسلة من الخطب الرفيعة المستوى هذا الصيف، ثم في مبادرات مباشرة للبيت الأبيض، حيث حاول ماكونيل، الذي زار كييف ووضع أولوية لدعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، توجيه الجناح اليميني المتشدد في حزبه.

لكن في النهاية، لم يتمكن هو ولا البيت الأبيض ولا الديمقراطيون في الكونغرس من فرض حزمة مساعدات عسكرية ومدنية مخفضة بـ6 مليارات دولار لأوكرانيا.


المساعدات الأمريكية

واعترف الرئيس جو بايدن: «إن هذا يقلقني. لكنني أعلم أن هناك أغلبية من الأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ، ومن كلا الحزبين، قالوا إنهم يدعمون تمويل أوكرانيا».

وأضاف أنه يستعد لإلقاء خطاب رئيسي حول المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، ولديه خطة قيد التنفيذ من أجل ضمان تدفق المساعدات، بعد الاضطرابات في «الكابيتول هيل»، التي تخللتها الإطاحة برئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي.

وبينما تعيد واشنطن تجميع صفوفها، أطلق التحول المفاجئ العنان للوم السياسي على عدم قدرة البيت الأبيض والكونغرس على العمل حول الأقلية الصغيرة، والمتزايدة من المشرعين الذين يعرضون المساعدات للخطر.

وكتبت النائبة مارجوري تايلور جرين، وهي من كبار حلفاء ترمب: «ليس هناك فلس آخر لأوكرانيا!». وقالت إنه ينبغي إنفاق الأموال على تأمين حدود الولايات المتحدة مع المكسيك بدلا من ذلك.

حشد الدعم

وكان ماكونيل، الجمهوري عن ولاية كنتاكي، يحاول حشد الدعم لأوكرانيا منذ أشهر، منذ أن التقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي بكييف في مايو، حيث ألقى خطابات متكررة، وتحدث مع الحلفاء في الخارج، وجعل القضية أولويته بين زملائه في «الكابيتول هيل»، حيث تلقى زيلينسكي ترحيب الأبطال العام الماضي، وزاره قبل أسابيع من المواجهة التمويلية.

لكن بعد أن أعلن البيت الأبيض طلب بايدن 24 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا في أغسطس، عرف ماكونيل أنه لن يحصل على الدعم اللازم لتمريره.

وقد التقى ماكونيل مجموعة من صقور الدفاع الجمهوريين في مجلس الشيوخ قبل الموعد النهائي، في نهاية سبتمبر، لتمويل الحكومة أو المخاطرة بالإغلاق، والذي يكون عادةً هو الوقت المناسب لتمرير طلب الإنفاق الذي قدمه البيت الأبيض لأوكرانيا.

لكن أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري تركوا ماكونيل، مدركين أن دعم تمويل أوكرانيا بشكل عام سيكون مفقودًا.

وقبل أسبوع من الموعد النهائي، أخبر ماكونيل مستشار بايدن للأمن القومي، جيك سوليفان، في اتصال هاتفي، أنه «سيكون من المستحيل» أن يوافق الكونغرس على طلب 24 مليار دولار بالكامل.

وقال مصدر إنه بدلا من ذلك، شجع ماكونيل البيت الأبيض على النظر «بقوة» فيما إذا كان بإمكانه الاعتماد على إرسال المساعدات لأوكرانيا من خلال الطرق الحالية لتحويل الأموال أو إعادة برمجتها على المدى القصير.

ودرس البيت الأبيض، في سلسلة من المحادثات مع فريق ماكونيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، مبالغ أقل من التمويل، وأصر على أن المساعدات لأوكرانيا ضرورية.



أولوية قصوى

وظهرت المشكلة في أن الزعماء الديمقراطيين في «الكابيتول» لم يضعوا أوكرانيا بشكل كامل كأولوية قصوى، بينما كانوا يقاومون مطالب الجمهوريين في مجلس النواب بإجراء تخفيضات حادة في الميزانية، لإبقاء الحكومة مفتوحة.

وكان مكارثي، الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، يواجه مشاكله الخاصة في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون، حيث أجبر المتشددون في مجلس النواب مكارثي على سحب مبلغ أصغر بكثير من أموال المساعدة الأمنية لأوكرانيا (300 مليون دولار) من مشروع قانون تمويل الدفاع السنوي.

وقدم ذلك مثالا صارخا على كيفية انتزاع جناح متزايد من الحزب (نحو 100 جمهوري) السيطرة من الأغلبية التي أيدت مشروع القانون على نطاق واسع، مما يعد علامة على المتاعب القادمة.

وفي مواجهة إغلاق حكومي مدمر محتمل، جرد مكارثي المحاصر مساعدات أوكرانيا، البالغة 6 مليارات دولار، من حزمة التمويل الفيدرالية قبل تصويت مجلس النواب على إبقاء الحكومة الأمريكية مفتوحة.