على مدى ثمانية وثلاثين عاما، تنتظر السيدة خيرية جاسم الحصول على معلومة عن مصير زوجها الضابط العراقي الأسير في إسرائيل عبد الجبار هاشم الجنابي الذي فقدت إخباره أثناء حرب أكتوبر 1973، ومنذ ذلك الوقت أخبرتها السلطات العراقية بأنها لا تمتلك معلومات عنه، وخلال لقائها الرئيس السابق بعد نهاية حرب أكتوبر، وعدها بأنه لن ينسى زوجها، وسيبذل الجهد لإعادته إلى وطنه.

السيدة خيرية المعلمة المتقاعدة، على يقين راسخ بأن زوجها ما زال أسيرا في إسرائيل وأثناء سفرها إلى القاهرة بعد انتهاء حرب 73، حصلت على معلومات من جهات رسمية تفيد بأن التلفزيون الإسرائيلي عرض زوجها الأسير وكان يتحدث عن ظروف وقوعه في الأسر وانتسابه إلى اللواء المدرع ضمن الفرقة الثالثة التي شاركت في الحرب على الجبهة السورية.

لم تستطع زوجة الضابط الأسير في ذلك الوقت الاتصال بأي جهة إنسانية كالصليب الأحمر أو غيرها للحصول على معلومات عن مصيره، لأن السلطات في زمن النظام السابق تمنع الاتصال بأي جهة خارجية إلا عن طريق قنوات رسمية.

ترك الضابط ابنتيه رشا وهند صغيرتين، تحت رعاية الأم، التي ظلت وحتى هذه اللحظة تعيش أمل عودة زوجها غير مبالية بسنوات الانتظار، وحينما كبرت البنتان وإحداهما تزوجت وأقامت في ليبيا منذ مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي، من هناك أخذت دور أمها في البحث عن أبيها عبر الاتصال بالمنظمات الإنسانية الدولية ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.

لم يعلن النظام السابق وجود أسرى عراقيين في إسرائيل، وإن وجدوا فإن هذا الملف بقي طي الكتمان على الرغم مما ذكرته وسائل إعلام عربية وأجنبية عن عمليات تبادل أسرى بينهم عراقيون. ومما ورد في تلك التقارير، "أن سورية أطلقت سراح 58 أسيرا إسرائيليا مطلع شهر يونيو من عام 1974 مقابل الإفراج عن 392 سورياً وستة مغاربة وعشرة عراقيين".

بعد سقوط النظام السابق ووجود بعثة الأمم المتحدة في العراق، طرقت السيدة خيرية أبواب المنظمة الدولية، وقدمت ما لديها من معلومات عن زوجها الأسير، ومع الاستجابة لطلبها وتلقيها الوعود، أضيفت سنوات أخرى لانتظارها الطويل، ولم يبق أمام السيدة إلا مناشدة المنظمات الإنسانية معرفة مصير زوجها. وأبدت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي استعدادها لمخاطبة الصليب الأحمر وعن طريق وزارتي الخارجية أو حقوق الإنسان لمعرفة مصير الضابط الأسير، وتحقيق أمل خيرية في عودة زوجها إلى وطنه أو على أقل تقدير معرفة قبره إن كان في عداد الأموات.