لا شك في أن القضايا السياسة والاقتصادية والاجتماعية والبيئة والكوارث الطبيعية قد تعصف بأي دولة من أقصى الشرق إلى أقصى الشمال ومن أبعد منطقة في الشمال إلى آخر نقطة في الجنوب، فبالتالي تكون هذه الدول بمعزل عن إيجاد الحلول المناسبة لقضاياها السياسية أو الاقتصادية التي عصفت بها لوحدها لأنها أمام تحديات إقليمية وطبيعية، وتعمل جاهدة على معالجة أولوياتها المحلية لكنها تعجز عن ذلك. ففي الشرق على سبيل المثال تجد الأزمة الروسية الأوكرانية والحرب التي تدور رحاها حالياً وألقت بظلها على الدول الأوروبية، كذلك الأزمات الاقتصادية التي تفرض أجندتها على الاتحاد الأوروبي وسياسة التقشف التي نسمعها بين الفينة والأخرى، ما سيجعل الحكومات الأوروبية ستواجه كثيراً من أزمات الطاقة، والأزمات المالية التي تظهر بعض مؤشراتها بشكل جلي، وهذا كله يجعل الاقتصاد العالمي وكذلك السياسية العالمية على المحك، أيضاً الحروب في السودان والكوارث الطبيعية في المغرب وليبيا، هذه الأمواج التي تعصف باستقرار الدول ورفاهية شعوبها تجعلها أمام تحديات كبيرة في الصناعة السياسية والاقتصادية ذات الجدوى لحل مثل هذه القضايا، وكذلك تحتاج إلى شريك يتسم بالثقة والمصداقية، إضافة إلى المقومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهنا نجد أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية هي الشريك الأكثر مصداقية وأكثر جدارة لتولي مثل هذا الدور، وهو دور إيجاد الحلول وصناعة السلام والاستقرار العالمي، فسياسة الخليج المتزنة وغير المتطرفة هي السياسة التي تؤمن بالسلام والرفاهية لشعوبها وللعالم أجمع، عكس كثير من الدول التي ترى في التخريب والحروب سبباً لاستقرارها، فهي تصدر الفوضى، أما سياسة الخليج فهي التي تحمل الخطاب العالمي للسلام، وهي التي تعمل جاهدة لنشر هذه الثقافة، كذلك هي حاملة سياسة الحوار وجمع الفرقاء في كثير من الدول، فالتاريخ أكبر شاهد على ذلك فمن اتفاق الطائف، وحوار الشرعية في اليمن، وحوار بين الفصائل في السودان وأفغانستان والعراق وليبيا، كذلك عقدت السعودية مؤتمرات جمعت العلماء من مختلف الديانات والطوائف، لتوحيد الكلمة بينهم، وتأصيل قيم التعايش بين الشعوب، كذلك الجهود القطرية بإنهاء أزمة الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007، بعد صفقة تم بموجبها الإفراج عنهن بعد 8 سنوات في السجن، وكثير من القضايا السياسية التي كانت دول الخليج اللاعب الأكثر مصداقية والثقة في حلها، أما على الصعيد الاقتصادي فقد تم الربط الاقتصادي بين الشرق والغرب من أجل بناء اقتصاد عالمي متزن، كذلك الاستثمارات المختلفة في آسيا الوسطى، شهدت الأعوام الأخيرة عدداً من الاتفاقيات والاستثمارات التي تمت بصورة ثنائية بين الدول الخليجية ودول آسيا الوسطى. فعلى سبيل المثال، تلقت كازاخستان استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، ووقعت شركة «أكوا باور» السعودية اتفاقية مع وزارة الطاقة في كازاخستان، وصندوق الثروة السيادية الكازاخي «سامروك كازينا»، لتنفيذ وإدارة مشروع إنشاء محطة لإنتاج طاقة الرياح، وتخزين الطاقة المتجدّدة، بحجم استثمارات أولية بلغت 1.5 مليار دولار، إضافة إلى استثمارات من الإمارات في قطاع الطاقة بقيمة تجاوزت 3 مليارات دولار أمريكي. وبلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ودول مجموعة آسيا الوسطى، نحو 3.1 مليارات دولار في عام 2021. إضافة إلى ذلك تحاول دول الخليج أن تكون رائدة في شتى المجالات ودول تتبنى سياسة الازدهار للمنطقة بأسرها. إن مقومات دول الخليج وعلى رأسها السعودية في الاقتصاد والسياسة والمصداقية والكوادر البشرية تجعلها مصدر إلهام وجذب لدول العالم لإيجاد الحلول لقضاياها وتحدياتها، فدول الخليج العربي هي منارة الحل للقضايا العالمية.