من خلال هذا اللقاء الذي كانت مدته 35 دقيقة تحدث سموه إلى العالم، ويلاحظ التداول الواسع للقاء والمشاهدات والتحليلات والترجمات، لكنني سأركز هنا على الجوانب التي تمثلت كنماذج مكتملة يمكن استنباطها في سياق الحديث والتي تشكل في مجملها رسالة السعودية للعالم، وخارطة طريق للداخل.
أول هذه الجوانب كان حديث سموه بلغة الأرقام عن منجزات الرؤية وما تحقق من مستهدفاتها وهو حديث ارتبط بكافة مراحل الحوار بشكل تلقائي، كما تحدث بلغة المثقف الذي تجاوز بديهيات الواقع وبلغة الإنسان الذي يعلم أنه يقف على كوكب كبير مليء بالتحديات.
كان لافتا أيضا اللغة الدبلوماسية الدقيقة التي تحدث بها سموه خاصة فيما يتعلق بشخصيات وكيانات، بما يتماشى مع السياسة السعودية الخارجية الملتزمة دائما بالترفع، والتركيز على المصالح مع حرصها على العمل الداعم لجهود الاستقرار العالمي.
كان سموه إيجابيا جدا فيما يتعلق بجميع التجارب في المنطقة ورأى النصف الممتلئ من كل الكؤوس، وأكد أنه يريد استثمار كل فرصة صغيرة تسنح للسلام والأمن وتفعيل العمل السياسي. كما أكد تمسكه بحقوق الشعب الفلسطيني وأشار لمعارضته للحروب والتسلح النووي ونبذه للعنف وتركيزه على التنمية ودعم اقتصاد العالم.
أما فيما يتعلق بالأنظمة الداخلية فقد لمسنا بوضوح مقدار شجاعته وشفافيته ومباشرته واعتماده مبدأ النقد كطريقة للتحسين والتعديل.
ركز سموه كذلك على الثقافة السعودية واعتبرها من أهم الموارد، وتحدث عن شعبه بحب وتقدير، وأظهر مقدار فخره واعتزازه بالموروث التاريخي وبالتنوع الاجتماعي والثراء الثقافي في السعودية، وأوضح أن هذا جزء من رهانه الكبير على مستقبل مختلف تماما.
ختاما.. يؤكد هذا اللقاء أننا نعاصر قائدا تاريخيا ينقح نسخة العالم ويعيد ترتيب الكوكب ويصنع للأجيال القادمة أسبابا وجيهة لتؤمن برؤيته وتقتنع بشخصه وتتبنى معه مزيدا من الأحلام.